على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

توماس فريدمان أصبح شخصيّة عالميّة. دول الخليج تدفع مئات آلاف الدولارات له مقابل محاضرة، وبعض العرب يهرع لالتقاط صور معه، ليس بسبب أفكار أو نظريّات يطرحها في كتاباته. على العكس، هو مشهور لأنّه يُبسِّط ويُعمّم. يُقال إنّه يبسّط شؤون العالم لتصبح في المُتناوَل، لكنّ الحقيقة أنّه يبسّط لأنّ هذه هي قدرته. هو معروف بأنّه يزور بلداً ما لبضعة أيام ثم يكتب سلسلة مقالات عنه كخبير محلّف. أذكر كيف غطّى انتفاضة مصر ضد مبارك من جناحه في فندق «الماريوت»، ونَسْب أفكار عن بلد ما إلى سائق التاكسي أصبحت علامة تجاريّة ملازِمة له. التقيته في التسعينيّات في مؤتمر عربي جمعنا في واشنطن. تحدّثنا قليلاً قبل بدء الجلسة، وعندما صعد إلى المنبر بدأ كلامه بـ: «كما كنتُ أتحدّثُ إلى صديقي أسعد...». قلتُ في نفسي: الذي يصف شخصاً ما بـ «الصديق» بعد دقائق من اللقاء، لا يكون شخصاً حقيقيّاً أو صادقاً. لقد درس الشرق الأوسط في أعتى جامعة صهيونيّة هناك (جامعة «براندايس» التي كانت أوّل جامعة تحظّر نادي «تلاميذ من أجل العدالة في فلسطين»). ثم درس الشرق الأوسط في جامعة أوكسفورد، وكان هناك لبناني يشاركه في السكن، كما أخبرني. المُعيب في كلامه عن الشرق الأوسط ليس فقط أنّه جاهل ولا يتابع النتاج الأكاديمي عنه، بل هو عنصري وصهيوني صفيق. في كتابه الأوّل (أصبح من أكثر الكتب مبيعاً بسبب سطحيّته واختزاله المبتذل للقضايا)، خرج بنظريّة عنصريّة للغاية اسمها «قوانين حماه»، ومفادها أنّ إسرائيل عندما تتصرّف بوحشيّة، تقلّد بذلك العرب والمسلمين. لا يزال يستشهد بهذه النظريّة حتى الآن. اليوم أثار فريدمان الكثير من الاعتراضات بسبب مقالة شبّه فيها العالم العربي بـ«مملكة الحيوانات»، وقال إنّ أميركا هي أسد الغابة، فيما إيران هي الدبّور، وأنّ حرق الغابة برمّتها للتخلصّ من الدبابير ضروري. وحلفاء إيران هم الديدان و«حماس» هي العناكب. وتشبيه السكان الأصليّين بالحيوانات ينتمي إلى تراث المُستعمِرين. علّق كثيرون على كلامه بالقول: لو أنّه قال كلامه عن اليهود أو السود، لكان تعرّض للفصل الفوري.

0 تعليق

التعليقات