على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

الكاتبُ هو ما يقرأ، منذ الطفولة. وأسلوب الكاتب يتأثّر بالكتابات المُبكِرة. أقول ذلك استهلالاً كي أعترفُ بأنّني تأثّرتُ بكتابات كثيرين (ممّن اتفقتُ معهم في الرأي وممّن اختلفتُ معهم). تأثرتُ بشفيق الحوت كما تأثّرتُ برفيق خوري (عندما كان تقدميّاً عروبيّاً علمانيّاً). أقرأُ سمير عطالله منذ أن كنتُ ولداً. «النهار» كانت كتاب الأطفال الذي كنّا نتعلّم فيه مبادئ القراءة في المنزل. وسمير عطالله كان مراسلاً دائم الترحال. كان له أسلوبه الجذّاب في صحافة تتشابه فيها الأساليب الكتابيّة. في سنوات الصبا، أدركتُ أنّ «النهار» تمثّل المشروع المضاد لأفكاري، وكانت «المحرّر» الأقرب لي (جريدة حرّرها شفيق الحوت وغسان كنفاني. كيف لا تؤثّر فيك؟). أواظبُ يومياً على قراءة سمير عطالله (وأسبوعيّاً في «النهار» قبل أن يشترط موقعها الاشتراك). لا زال على عهده: معادٍ للشيوعيّة ولعبد الناصر وموالياً بصورة مطلقة لحكّام الخليج. هذا خياره. لكن متى يفهم الكتّاب الموالون لأنظمة الخليج أنّهم يستطيعون أن يعارضوا عبد الناصر والأنظمة الشيوعيّة لكن من باب غير باب الدفاع عن الحريّة والديموقراطيّة؟ خانة أنظمة الخليج تتطلّب منكم حجّة مختلفة عن تلك. قبل يوميْن، انتقد عطالله في «الشرق الأوسط» السعوديّة الكاتب اللبناني إلياس خوري، بسبب هذه الجملة: «الانحطاط الذي موَّله الفساد الخليجي». لم يكتفِ عطالله بهجاء خوري، بل استعان بالمناسبة كي يكتب في هجاء نزار قبّاني بسبب نقده وسخريته من حكّام الخليج. أستطيع أن أختلف مع عطالله في كل جوانب السياسة (وأختلفُ معه بالفعل) وأن أحاججه في هذه الجملة: كيف يمكن إنكار أنّ المال الخليجي خلق حالة انحطاط ثقافي وفنّي وأدبي في عالمنا العربي، حتى لو تركنا السياسة جانباً؟ لا أستطيع أن أصدّق أنّ عطالله في ذوقه الفنّي والأدبي موافق على الإنتاج الفنّي والأدبي الذي يصدر عن «هيئة الترفيه» في الرياض. إنّ ضخ الفكر الإسلامي الجهادي المتعصّب على مرّ العقود كان بالمال الخليجي. لا تستطيع أن تعترض على إسلاميّة إيران وتتغاضى عن عقود من إسلاميّة وهابيّة أفسدت العالم العربي، قبل إفساد تركي آل الشيخ العلماني.

0 تعليق

التعليقات