على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

نحتاج إلى إعادة صوغ علاقتنا مع العالم. خضعنا لخديعة الغرب منذ ثورة 1936 في فلسطين. لم يكن هذا مزاج الناس، لكنّ الحكومات فرضت علينا ثقافة تصديق مزاعم الغرب وكذبة قيمه. منذ عام 1937، ونحن نترقّب حكماً عادلاً من الغرب. نقول للغرب: كيف لا تنصفنا وأنت العادل والمنُصِف في بلادك (كنا نقول ذلك فيما كانت الكلاب البوليسيّة تطارد أولاد السود في شوارع مدن الجنوب الأميركي وفيما كانت شرطة باريس تطلق النار على المتظاهرين الجزائريّين)؟ نحن في لبنان عانينا أكثر من غيرنا، لأنّ الطبقة الحاكمة مرتهنة للغرب منذ الاستقلال (فرنسا ثم بريطانيا ثم أميركا وحتى إسرائيل). قبل أربعة أشهر من الاجتياح الإسرائيلي في صيف 1982، صدرت الصحف بعناوين عن «رسالة من ريغان إلى سركيس يُطمئنه فيها أنّ إسرائيل لن تجتاح الجنوب» (زوّدني «أرشيف لبنان» بالصحيفة). كان ريغان يعلم أنّ إسرائيل ستجتاح لبنان وأنّ أميركا سترعى الاجتياح، لكنّ أميركا اختارت أن تخدع لبنان. هناك كتب كُتبت عن خدائع الغرب للعرب، منذ مراسلات الحسين ــ مكماهون ووعد بلفور ولجنة بيل والورقة البيضاء وتحذير أميركا لعبد الناصر من إطلاق الرصاصة الأولى عام 1967. فكرة أنّ الحل يمكن أن يأتي من أميركا هو التسليم بالظلم الواقع في منطقتنا. كان السادات صاحب شعار «99% من أوراق الحل في يد أميركا». هذا صحيح، إذا كنا ننشد حلّاً على المقاس الإسرائيلي وهذا ما كان. أميركا تعطّل مشاريع قرار تطالب فقط بوقف إطلاق النار ولا تلزم بعقوبات على إسرائيل (ما كان حريّاً بالجزائر أن تقدّم قراراً ناقصاً وضعيفاً حتى وإن كانت النيّة تمريره. أميركا كانت ستفرض الفيتو في كلّ الحالات). جنوب أفريقيا هي التي كسرت القيادة الأخلاقيّة الزائفة للغرب عبر تقديمها دعوى الإبادة ضد إسرائيل. لم تجرؤ دولة عربيّة واحدة على تقديم هذه الدعوة، ولا حتى الجزائر. تونس تبحث منذ سنوات في أمر تجريم التطبيع، والسفارة الأميركيّة تمنع ذلك في كل حقبات الحكم منذ سقوط بن علي. والعراق ممنوع من طرد قوات الاحتلال. الغرب سقط، فلماذا ننتشله؟

0 تعليق

التعليقات