القاهرة | قدّم الطبيب المصري أحمد عبد العزيز (75 عاماً) مثالاً على ما يكنّه المصريون لغزة وشعبها، حين ذهب إلى القطاع كمتطوّع للمساعدة في علاج الفلسطينيين من مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أشهر. لذلك احتفى الإعلام المصري وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي، بما فعله جرّاح العظام الشهير رغم سنّه، إذ وجد الجميع فيه ما يجب أن تكون عليه مصر نفسها مع فلسطين.وقبل أيام، انتشرت صور للطبيب المصري مع أطباء فلسطينيين يعملون ليل نهار من أجل علاج إصابات بالغة يتعرّض لها الغزاويون أكثرها بتر الأطراف. وكان عبد العزيز قد ظهر من قبل في صور مع عدد من الأطباء المصريين الشباب شكّلوا فريقه الطبي الذي عمل معه حين أجرى عمليات لأطفال غزة المصابين الذين وصلوا إلى «مستشفى العريش» في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكان الطبيب من أوائل الذين ذهبوا إلى المستشفى لدى الإعلان عن استقبالها جرحى من غزة، ليجري عدداً من العمليّات الدقيقة للمصابين. وقتها، قال عبد العزيز: «ما يثير الدهشة بين هذه الأحداث والعمليات الجراحية التي كانت تُجرى في ملحمة، كان لسال حال جميع المصابين على قول واحد «الحمد لله» وكانوا ثابتين».
عبد العزيز الذي ذهب إلى غزة هذه المرة «ليموت هناك»، أعلن في أول مداخلة تلفزيونية مع الإعلامي المصري أسامة كمال على قناة «دي. إم. سي» إنّ «المشاهد التي تأتي من غزة تحرك الحجر، فكيف لا تحركه؟». وتابع أنّ الله أعطاه فرصة للذهاب ضمن وفد منظمة أوروبية إلى غزة ليساعد في تخفيف المعاناة عن المصابين. وقال إنّ «الإصابات التي تصلنا، لا يتحمّلها أي طاقم طبي». وأشاد بعزيمة الشعب الفلسطيني «فهي الشيء الوحيد الذي لم يدمَّر في القطاع». واحتفى الإعلامي شريف عامر بعبد العزيز، مؤكداً على أنه مرجع في جراحة العظام في مصر، ولا يحتاج إلى أي مجد معنوي أو مادي، لكنه فضّل الذهاب إلى غزة والمساعدة من هناك، وليس فقط كما فعل من قبل في العريش.
وحين نشر الطبيب عبد الرحمن عبيد من غزة صورةً لزميله المصري موجّهاً له الشكر وقائلاً «رجل في زمن عزّ فيه الرجال»، انهالت الأدعية والتمنيات بالتوفيق لعبد العزيز. يُحرج الأخير قطاعات كثيرة في مصر، تتغنّى ليل نهار برغبتها في الذهاب إلى غزة للمساعدة، بينما هو لم يفكر لحظة في التراجع عن قراره بالذهاب إلى «مستشفى غزة الأوروبي» بالقرب من خان يونس لمدة أسبوعين كاملين هما فترة زيارة الوفد الطبي الذي جاء ضمنه عبد العزيز. لم يقتصر هدفهم فقط على إغاثة المصابين، بل أيضاً لنقل صورة حقيقية لما يحدث في القطاع، وأهمها أنّ طواقم فلسطين الطبية هي التي تعالج المصابين حتى الآن! والمفارقة أنّ بعضاً ممن احتفوا بتواجده في القطاع مثل قناة «دي. إم. سي» التابعة لـ ««الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» (تابعة للاستخبارات المصرية) تجاهلت أن الأطباء المصريين لا يمكنهم الذهاب بسهولة إلى غزة إذا أرادوا، فقد تُقابل رغبتهم بتعنّت أمني مصري، فيما ذهب عبد العزيز إلى غزة حاملاً جواز سفره الأجنبي... يا مصر!