وفي هذا يخرج الضمان عن ما استقر عليه اجتهاد مجلس شورى الدولة في حكمه الصادر عام 2017، والذي حسم طبيعة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، واعتبره مؤسّسة عامة مستقلة، تعريف «الشورى» قضى بأن الصندوق تتوافر فيه الخصائص التي استقرّ الاجتهاد على الأخذ بها من أجل تعريف المؤسّسة العامة وتمييزها عن المؤسّسة ذات المنفعة العامة والمؤسسة الخاصة. وخلص إلى أن صندوق الضمان مرفق عام أُعطي شخصية معنوية واستقلالين مالي وإداري، باعتبار أنه أنشئ لتقديم خدمات صحية واجتماعية لجميع المنتسبين إليه، بهدف المنفعة العامة، وهو يدار من خلال مجلس إدارة تمثّل فيه الدولة من خلال ستة مندوبين، وتكون بعض مقرراته خاضعة لوصاية وزارة العمل ولرقابة مجلس الوزراء وديوان المحاسبة، ويعين على رأس أمانة سرّه مدير عام بموجب مرسوم حكومي بناء على اقتراح وزارة العمل، فضلاً عن إمكانية تمويله من خلال سلفات خزينة تمنحها الدولة. لذا، إن اعتبار بعض المؤسسات خاضعة لقانون إنشائها، لا يمكن تفسيره إخراجاً لها من المؤسسات العامة، إنما يفسّر إخراج هذه المؤسسات من القواعد العامة التي ترعى المؤسسات العامة.
حوّل مجلس الإدارة المساعدة إلى قضية صلاحيات معتبراً أن الصندوق ليس مؤسّسة عامة بل مؤسّسة مستقلة
واللافت أن مجلس الضمان يتجاهل الكتاب الموجّه إليه في 31 آذار الماضي من قبل وزير العمل مصطفى بيرم. الوزير طالب المجلس الكف عن اتخاذ القرارات أو إعداد مطالعات، مبنية على أساس أن الضمان ليس مؤسسة عامة، لأنه ينجم عن ذلك إلحاق الضرر بالعاملين في هذا القطاع ويخالف قواعد الخلق الإداري التي تعلو في تدرج القيم حتى القوانين والأنظمة، والذي يوجب على الإدارة أن لا تستعمل سلطتها الإدارية والمالية لمجرد غايات مالية.
في المحصّلة يحرم مستخدمو الضمان من المنحة التي سيحصل عليها سائر موظفي القطاع العام لحين إقرار الموازنة، علماً بأن مجلس الإدارة وافق على مساعدة مماثلة للشهرين الأخيرين من عام 2021، لكنه يرفض تطبيق المرسوم 8737. وقد حذر بيرم الإدارة من الاستمرار بعدم منح هذه المساعدة المقررة والتي تترتب عليها مسؤوليات قانونية ستلجأ سلطة الوصاية، أي وزارة العمل، إلى تطبيقها بالاستناد إلى مبدأ استمرارية المرفق العام.