مطلع الشهر الجاري، أطلق مطعم Palms the Legend ورشة توسيع و«استباحة» مساحة كبيرة من مجرى نهر الكلب في بلدة زوق مصبح الكسروانية، تاركاً مساراً ضيقاً بالكاد يكفي لـ«تنفّس» النهر، ومانعاً إمكانية مرور القوارب الصغيرة لزيارة القناطر الأثرية، ناهيك عن تعريض النهر للتلوّث الذي يخلّفه زوار المطعم.وقبل يومين انتشرت صورة الإنشاءات المتعدية على النهر الكلب، التي أقامتها شركة «كازينو وادي نهر الكلب» بعدما حصلت على رخصة من وزارة الطاقة والمياه لتشييد ممر خشبي مؤقت على الأملاك النهرية بطول 50 متراً وعرض 25 متراً، من مطلع حزيران وحتى نهاية أيلول المقبل، من دون دراسة تقييم الأثر البيئي في نهر مصنّف بأنّه حسّاس بيئياً. فبحسب المادة 21 من قانون البيئة 444/2002، «على الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص إجراء دراسات الفحص البيئي المبدئي أو تقييم الأثر البيئي للمشاريع التي قد تهدد البيئة، بسبب حجمها أو طبيعتها أو أثرها أو نشاطاتها. وتراجع وزارة البيئة هذه الدراسات وتوافق عليها بعد التأكد من ملاءمتها لشروط سلامة البيئة واستدامة الموارد الطبيعية». ومرسوم أصول تقييم الأثر البيئي الرقم 8633 الصادر عام 2012، صنّف الأنهار مناطق حساسة بيئياً، وتحتاج المشاريع التي تندرج في إطارها إلى دراسة تقييم الأثر.
وزير البيئة ناصر ياسين تواصل مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض مستفسراً، وقال لـ«الأخبار» إنه سيطلب وقف الأعمال لعدم إجراء دراسة تقييم الأثر البيئي. فيما لفت الناشط البيئي رئيس «جمعية الأرض - لبنان» بول أبي راشد إلى أنه «ليس هناك شيء اسمه إشغال مؤقّت على مجرى نهر، هناك حياة إيكولوجية ستتأثر من تحوير مجرى النهر سواء لجهة العمق أو حياة الأسماك وغيرها». وإلى الحساسية البيئية، حساسية ثقافية، فـ«مجرى نهر الكلب تاريخي، والجسر فوقه في قرية زوق مصبح معلم أثري»، لذا ينبغي «استشارة وزارة الثقافة بعدما وصل الاعتداء إلى حدود القناطر».
من جهته، أبدى فياض دهشته من الحملة مشيراً إلى أنّ «هذا المطعم ينشئ الممر سنوياً في الموسم الصيفي عندما يجفّ النهر، وهذه ليست المرة الأولى». إلا أنه أكد أنه «صُدم» من حجم الإشغال وتوسّع الإنشاءات فوق النهر هذه السنة، مشيراً إلى أنه سيرسل فريقاً تقنياً لتفقد الموقع مؤلفاً من مستشاره خالد نخلة ومدير مصلحة تصحيح المحيط في الوزارة مفيد دهيني لمعرفة إن كانت هناك مخالفات «لناحية الالتزام بالمساحة المسموح بها في رخصة الإشغال، والحاجة إلى إجراء دراسة تقييم أثر بيئي، وطلب بدل مادي عن الإشغال». وأكّد: «إن كان هناك خطأ فسنصححه، وكلّ ما يطرحه الإعلام يتوقف على حجم المشاريع، إن كانت صغيرة لا تستدعي مثلاً دراسة أثر بيئي». والأمر نفسه ينسحب على الجهة المخوّلة إعطاء الترخيص بالإشغال أو الاستثمار على مياه الأملاك العامة. فـ«إذا كان المشروع كبيراً، يستدعي الأمر مرسوماً من مجلس الوزراء، وإلا ستتولى وزارة الطاقة والمياه منح الترخيص».
لكنّ مصدراً قانونياً أشار إلى «أنّ المادة 16 من القرار 144 الصادر عام 1925 أعطت مجلس الوزراء حصراً صلاحية إعطاء الترخيص من دون أن تميز بين مشروع وآخر على أساس حجمه، فيما وزارة الطاقة تتعاقب على منح التراخيص مقابل بدلات إشغال متهالكة. علماً أن صلاحيتها وفقاً لمضمون المواد 37، 38، 41، من المرسوم 5469 الصادر عام 1966 تنحصر بدراسة طلبات الرخص والامتيازات على مياه الأملاك العمومية، ورفع مطالعتها المتضمّنة رأيها بطلب الترخيص إلى المرجع الصالح للبتّ في موضوع الترخيص، وهو مجلس الوزراء».