أطاح «تحالف الحاكمية» الذي جمع حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة جلسةَ حكومة تصريف الأعمال المقرّرة اليوم، وبالتالي سقطت مشاريع التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو تعيين بديل منه أو إيجاد مخرج قانوني لتنظيم إدارة المصرف بعد انتهاء ولاية الحاكم بعيداً عن نصوص قانون النقد والتسليف.ما تبلّغه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي غروب أمس، دفعهما إلى البحث في مخرج بديل، يضمن عدم استقالة أي من نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، وجرت اتصالات أثمرت تفاهماً أولياً على «جلسة تشريع الضرورة» في المجلس النيابي، بما يسمح بإقراض مصرف لبنان نحو 800 مليون دولار تُصرف على أربعة أشهر كحد أقصى، ويجري تأمينها من الاحتياطي الموجود لدى مصرف لبنان، وهو الخيار الوحيد المتبقّي أمام أركان الحكم لإقناع نواب الحاكم بالعمل.
وكان رئيس الحكومة استقبل صباح أمس النواب الأربعة، وعبّر لهم عن مخاوفه من خطورة الفراغ في الحاكمية في حال استقالة النائبين الأول والثاني أو امتناعهما على القيام بمهام الحاكم، ما سيتسبب بمشكلة كبيرة على صعيد النقد والمالية العامة. وأكّد أنه يبذل جهوداً لتحقيق بعض مطالبهم، ولا سيما البند المتعلق بتوفير غطاء قانوني عبر مجلس النواب لاستخدام بعض أموال الاحتياطي، مع التأكيد بأن مصرف لبنان سيتوقف عن تقديم أي دعم مالي على شاكلة منصة «صيرفة».
وأبلغ النواب الأربعة رئيس الحكومة بحضور نائبه ووزير المالية، أن آلية العمل الجديدة تقضي بتوفير حلول لرواتب موظفي القطاع العام، على أن يجري تحديد الآلية وسعر الصرف الخاص برواتبهم (بكلفة 80 مليون دولار شهرياً)، وتوفير دعم مستدام لتغطية الأمراض المزمنة (بكلفة 35 مليون دولار شهرياً)، وسداد بعض القروض الضرورية، والاحتفاظ بمبلغ يساعد على مواجهة أي طارئ.
بري تفهّم افتراق حزب الله وتيار المردة عنه ومحاولة التعيين هدفها رفع المسؤولية عنه


كما يشترط النواب الأربعة أن تضع الحكومة خطة عاجلة لإطلاق العمل في كل دوائر وزارة المالية المعنية بتحصيل الضرائب لضمان تغذية الخزينة بسيولة لبنانية يجب أن تصل إلى ثلث حجم السيولة الموجودة اليوم بالليرة والمقدّرة بنحو 80 ألف مليار ليرة.
وفي حال تم تثبيت هذه النقاط خلال اليومين المقبلين، فإن النائب الأول وسيم منصوري قد يعدل عن قراره بالاستقالة، علماً أنه في حال الاستقالة، قرر أن يلازم منزله وعدم القيام بتصريف الأعمال لو طُلب منه ذلك. ومع أن النواب الثلاثة الآخرين (بشير يقظان، سليم شاهين وألكسندر مراديان) أبلغوا منصوري بأنهم لن يقدّموا استقالاتهم معه، إلا أن النائب الثاني يقظان ليس في وارد تولي المهمة في حال امتناع منصوري، بل سيبادر إلى الاستقالة.
وكانت المواقف الوزارية الرافضة لحضور أي جلسة لتعيين حاكم جديد قد توالت أمس، ما اسقط أي فرصة لعقدها مع عدم توافر النصاب. فإضافة إلى النواب المحسوبين على التيار الوطني الحر، أعلن الوزيران المحسوبان على «المردة» زياد مكاري وجوني القرم، والوزيران وليد نصار وعصام شرف الدين أنهم لن يحضروا أي جلسة تعيين، كما أبلغ حزب الله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الوزيرين علي حمية ومصطفى بيرم سيقاطعان الجلسة، ما دفع الأخير إلى التراجع عن الدعوة إليها.
وقالت مصادر وزارية إن بري تفهّم افتراق حزب الله وتيار المردة عنه في هذه المحطة، لكن تصعيده سببه عدم الرغبة بتحمل مسؤولية أمر غير مضبوط. واعتبرت المصادر أن «ما حاول أن يفعله بري في اليومين الماضيين هو رمي الحجة عن نفسه، إذ إنه يدرك استحالة التعيين أو التمديد لكنه أراد أن يحمي نفسه ومنصوري بالقول إنه فعل ما يتوجب عليه، لكنّ القوى السياسية هي من عطّلت، وبالتالي لا يمكن لأحد بعد ذلك أن يحمّله أو يحمّل منصوري مسؤولية ما قد يحصل».