أصدرت هيئة الشراء العام تقريراً عن مناقصة البريد أظهر أن وزارة الاتصالات «فصّلت» عملية التلزيم على قياس شركة واحدة تقدّمت بشكل وحيد للمناقصة.إثر إعلان نتيجة مزايدة البريد في 12 تموز الماضي بعارض وحيد، وإرساء الالتزام مؤقتاً على تحالف شركتي «Merit Invest – Colis Prive»، طلبت هيئة الشراء العام من وزارة الاتصالات إيداعها كامل ملف التلزيم بكل مراحله. إذ أن هذه لم تكن المرّة الاولى التي تكون فيها هذه الشركة عارضاً وحيداً في هذا التلزيم رغم التعديلات الجوهرية التي أجريت على دفتر الشروط. واستندت الهيئة إلى الفقرة التاسعة من المادة 76 من قانون الشراء العام التي تمنحها صلاحية «مراقبة وتقييم تطبيق النصوص القانونية والقواعد التي تَرعى الشراء العام»، وذلك من خلال تنظيم «تقاريـر دورية تتناول مكامِن الخلل و/أو مخالفة القوانين في كل الجهات الشارية».
يصف التقرير مراحل إعداد مزايدة تلزيم الخدمات والمنتوجات البريدية. في المرة الأولى لم تجرِ المزايدة لأن شركة «غانا بوست» قدّمت عرضها بعد عشر دقائق على انتهاء مهلة تقديم العروض. وفي المرّة الثانية أرسي الالتزام مؤقتاً على تحالف «Merit Invest – Colis Prive»، علماً بأن الأولى مملوكة من مؤسس CMA-CGM رودولف سعادة المقرّب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والثانية فرنسية تعمل في نقل الطرود البريدية. غير أن عملية التلزيم المؤقّت أُلغيت بناء على توصية هيئة الشراء العام التي خلصت بعد التدقيق في الملف إلى أن العرض المقدّم لا ينطبق على دفتر الشروط، ولا سيما لجهة نطاق الخدمات البريدية، فضلاً عن أن العرض المالي ليس لمصلحة الخزينة اللبنانية. لذا، أعيدت المزايدة مرّة ثالثة بعد تعديل دفتر الشروط، ولا سيما الشرط الذي يحدّد النشاط الرئيسي المقبول بـ«نقل الطرود» وليس بالضرورة «الخدمات البريدية». أي أنه لم يعد ممكناً استبعاد Colis Prive التي باتت مطابقة للشروط. واستخدمت الوزارة ذريعة أساسية هي «توسيع دائرة المنافسة لتلافي تقدم عارض وحيد» كما جاء في تقرير الهيئة، إلا أن النتيجة لم تكن كذلك بل «تقدّم إلى المزايدة العارض الوحيد نفسه الذي تقدّم إلى المزايدة السابقة».
ومن المسائل الأساسية التي أثارتها الهيئة بشأن دفتر الشروط، أنه جرى تحديد رأسمال شركة المشروع بنحو 10 ملايين دولار «فريش»، ما اعتبرته الهيئة «أنه قد يحدّ من المنافسة، فيما ردّت جهة التعاقد (وزارة الاتصالات) بأن هذا الشرط ضروري لضمان تأمين الاستثمارات اللازمة للمشروع». وهو ردّ يثير تساؤلات، إذ هل يُعقل رفع قيمة رأس المال إلى مستوى كهذا يصعب معه إيجاد شريك قادر على المخاطرة برأسمال كبير في ظل أزمة مالية ونقدية؟
«نفخ» الملاءة المالية للشركة اللبنانية في التحالف من 8 ملايين دولار إلى 48 مليوناً


عندما بدأ درس الشروط المتعلقة بالملاءة المالية للشركة الوحيدة، تبيّن أن احتساب ملاءة شركة «Merit Invest – Colis Prive» أجري على أساس سعر صرف 15000 ليرة بدلاً من سعر الدولار «الفريش» ما أدّى إلى نفخ الملاءة المالية لعضو التحالف اللبناني، أي Merit Invest من 8 ملايين دولار إلى 48 مليوناً، علماً بأن الملاءة مهمّة لدرس قدرة التحالف على تمويل النفقات الرأسمالية البالغة 12.8 مليون دولار. كما أن الضمانات المالية التي قدّمها التحالف في سبيل هذه الملاءة لم تكن نهائية، ما يثير كثيراً من التساؤلات حول نتيجة المزايدة.
كذلك تبيّن أن التحالف حصل على ضمانات إدارية وفنية من شركة «La poste» الفرنسية التي تبيّن أنها في حال فوز التحالف ستعمل بمثابة استشاري له وفي تزويده بالخدمات التقنية والاستشارية في مجال الخبرة المطلوبة، لكنها لفتت إلى أنه «سيتم إجراء مزيد من الدراسات والتحليلات في أي وقت للتحقق من مستوى الاستثمار في الأجهزة والبرمجيات والأنظمة القادرة على معالجة العمليات البريدية بكفاءة وإدارة البيانات الآمنية وقدرات التتبع والتعقب المتقدمة». وعلّقت هيئة الشراء العام على ذلك بأنه «يجب أن يكون العرض المقدم من التحالف نهائياً وغير قابل للتعديل أو الرجوع عنه، وألا تكون هناك انحرافات عن أحكام دفتر الشروط الخاص بالمزايدة نتيجة أي دراسة مستقبلية أو إعادة نظر...».
وفي ما يتعلق برسوّ التلزيم على العارض الوحيد فهو أمر يستوجب، بحسب التقرير، شروطاً وردت في الفقرة الرابعة من المادة 25 من قانون الشراء العام، وهي:
«- أن تكون مبادىء وأحكام قانون الشراء العام مُطبَّقة وألّا يكون العرض الوحيد ناتجاً عن شروط حصرية تَضمَّنَها دفتر الشروط الخاص بمشروع الشراء.
- أن تكون الحاجة أساسية ومُلِحّة والسعر مُنسَجِماً مع دراسة القيمة التقديرية.
- أن يتضمَّن نَشر قرار الجهة الشارية بقبول العرض الفائز (التلزيم الـمؤقت) نصّاً صريحاً بِتقدُّم العارض الوحيد الـمقبول ونيّة التعاقُد معه».