منذ صدوره في 3 كانون الأول 2020، وُصِف القانون 196 الذي ساوى ضحايا الانفجار بشهداء الجيش اللبناني، بـ«المجحف في حقّ جرحى الانفجار» لأنّه استثنى أولئك الذين تسبّب الانفجار بإصابتهم بإعاقات مدى الحياة من أي تقديمات أو تعويضات، مكتفيا بمنحهم التقديمات الصحّية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما ورد في القانون 220/2000 الخاص بالأشخاص المعوّقين. بمعنى آخر، عاملهم كأي معوّق، ولم يلحظ أنهم أُعيقوا جرّاء الانفجار.بعد نحو سنتين ونصف سنة على إقراره، إجحاف القانون يشمل أولئك الذي توفوا لاحقاً متأثرين بإصاباتهم، مستنسباً بين ضحايا الانفجار بحسب تاريخ الوفاة. يتحدّث رئيس «اللجنة التأسيسية لتجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت» إبراهيم حطيط عن «عشر ضحايا جراء الانفجار توفوا بعد معاناة مع جراحهم، حُرموا جميعا من أيّ تقديمات حصل عليها باقي الضحايا بموجب القانون 196». حاول حطيط طرح القضية على وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي و«طلبتُ موعدا معه قبل ثلاثة أشهر لتسريع التحقيقات في أسباب وفاة جرحى الانفجار لأن هناك عائلات فقدت معيلها وهي من دون تعويضات ولا رواتب شهرية، علما أن راتب العسكري في الجيش اللبناني متدن، لكن يبقى القليل أفضل من الحرمان، إلا أنّ المولوي لم يستجب لطلبي».
عباس مظلوم الذي توفي في 27 تشرين الأول عام 2021 متأثرا بجروحه في الانفجار، مثلا، لم يستفد من مفاعيل القانون 196. بحسب رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا سيلفانا اللقيس «يوم الانفجار وُضِع لمظلوم حديد في ظهره مما يوضع في الأقدام بسبب السرعة وإنهاك القطاع الطبي آنذاك، ما تسبّب له بمعاناة طويلة أجرى إثرها جراحة بعد سنة من الإصابة، واحتاج إلى متابعة طبية في المستشفى، لكنه لم يملك فرق الدخول الذي تطلبه وزارة الصحة ولا الضمان الاجتماعي، فتوفي». رغم ذلك، لا تزال التحقيقات جارية لكشف سبب وفاة مظلوم. زارت القوى الأمنية عائلته وطلبت تقرير الطب الشرعي، «إلا أن عائلته لم يخطر في بالها عند وفاته أن تطلب تقريراً من الطبيب الشرعي، فهل المطلوب أن تصدر واحدا مزوّرا لقاء 300 إلى 500 دولار؟»، يسأل حطيط.
ما لا يقلّ عن 50 جريحا يتخبطون لتأمين كلفة علاجهم اليوم ويتوسلون الجمعيات


مثل مظلوم، توفي عبد الرحمن بشناتي نتيجة التقاعس عن تأمين علاجه المجاني، وليس جراء الإصابة التي لم تكن مميتة. «استدعت حالة بشناتي عملية قلب مفتوح، حاولنا جمع التبرعات، ولأننا تأخرنا لم ينتظر قلبه». هكذا يُترك الجرحى ممن لا يزالون على قيد الحياة لمصيرهم، أمّنت وزارة الصحة الخدمة الطبية المجانية يوم الانفجار، وبعدما غادروا المستشفى لم تسأل عمّا يحتاجونه من عمليات جراحية، وفحوص مخبرية، وصور شعاعية، وعلاج فيزيائي، وأدوية. وفيما لم يجرِ إحصاء حديث لعددهم، تشير اللقيس إلى «ما لا يقلّ عن 50 جريحا يتخبطون لتأمين كلفة علاجهم اليوم، ويتوسلون الجمعيات». وعندما أبدت مؤسسات الدولة عجزها المالي، سألت اللقيس وزير الصحة العامة فراس الأبيض لماذا لا يطلب دعما خارجيا لتمويل الخطط والمشاريع، فأجابها: «كيف تظنين الوزارة تقف على رجلها؟»، فـ«فهمت عندها أن هذا الملف ليس أولوية، تماما مثل ملف المعوقين».
وإلى الطبابة، تبرز الحاجة لتأمين مخصصات مالية لمعوقي الانفجار الذين خسروا أعمالهم. انطلاقا مما سبق، وضعت «اللجنة التأسيسية لتجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت» اقتراح قانون يرمي إلى مساواة جرحى الانفجار الذين استجدّت لديهم إعاقة دائمة أو مؤقتة بجرحى الجيش اللبناني من حيث التعويضات ورواتب تقاعد جندي أصيب أثناء تأدية الواجب والتقديمات التي يحصل عليها جرحى الجيش من ضمان صحي ومخصصات تعليمية.
وعرضت اللجنة اقتراح القانون على الكتل النيابية فأخذت وعدا من كتل «الوفاء للمقاومة» و«التنمية والتحرير» و«التوافق الوطني» والنائبين طوني فرنجية والياس بو صعب لإقراره في أول جلسة تشريعية. «اقترحنا تشكيل لجنة طبية يتقدم إليها الجريح بطلب ويبرز وثائق تثبت دخوله المستشفى يوم 4 آب عام 2020 وإصابته جرّاء الانفجار»، كما يقول حطيط، داعيا الجرحى للتواصل معه على الرقم ٧٨٨٧٥٤٩٨ لضمّ ملفاتهم.
من جهتها، لا تؤيد اللقيس مساواة جرحى الانفجار بجرحى الجيش «نظرا لتواضع قيمة التعويضات والراتب الشهري». وتتطلّع لتعويض يحقق العدالة، فـ«المعيل لأسرة من 5 أفراد ليس كمن لا تقع عليه مسؤولية الإعالة أو من لم تفقده إعاقته عمله».