يسعى 31 نائباً، يطلقون على أنفسهم صفة «النائب السيادي»، لأجل إعادة تنظيم صفوفهم من خلال تشكيل جبهة سياسية موسعة، يكون فيها تجمع سياسي يبدأ من «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، مع مجموعة من القوى والكتل النيابية التي قامت بعد الانتخابات الأخيرة. وتضم: أشرف ريفي، ميشال معوّض، وضاح الصادق، مارك ضو، ميشال الدويهي، فؤاد مخزومي وبلال الحشيمي. ويسعى هؤلاء الى إطلاق لقاء سياسي شبيه بـ»لقاء البريستول». ويتصرف هؤلاء على أساس أنهم نواة مشروع معارض لحزب الله، مع سعي حثيث لأجل توسيعه بقصد ضمّ شخصيات سنية، كبديل من النقص في عدد النواب السنّة.فكرة إطلاق جبهة معارضة ليست وليدة اليوم. بدأ البحث عشية الانتخابات النيابية 2022، بتشكيل جبهة بوجه لوائح «المنظومة الحامية للسلاح». حينها قادت «الكتائب» المساعي، وانقضى الأمر على لمّ بعض المجموعات «التشرينية» ومرشحين «تغييريين». وبعد الانتخابات، عملت «الكتائب» على جمع أكبر عددٍ من النواب تحت سقف الصيفي، وكان الاجتماع الأول الذي توّج ببيان يدعو الى مقاطعة تشريع الضرورة، والذي وقّعه أكثر من 40 نائباً، بغالبية مسيحية، ما جعل «القوات» ممتعضة من محاولة الكتائب قيادة المعارضة المسيحية، فكان الاجتماع الثاني في مجلس النواب، لا في «بيت الكتائب»، وتضاءل عدد الموقّعين إلى حدود الـ 30. استمر هذا «البلوك النيابي» في اجتماعاته الدورية العادية، وأقصى ما كان يصدر عنه بيانات مقاطعة لجلسات التشريع. إلى أن حصل التقاطع على ترشيح جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، فتصرّف هؤلاء النواب، وكان عددهم قد رسا على 31، ككتلة سياسية سحبت ترشيح ميشال معوّض وأعلنت اسم أزعور مرشحاً.
وجد هذا «البلوك» النيابي نفسه أمام فرصة ذهبية مع وقوع حادثة الكحالة، وبدأ العمل على تضخيم الحدث، والاستفادة القصوى منه.وحدّد حزب الكتائب السقف الأعلى، عبر الدعوة إلى «إطلاق أوسع جبهة معارضة سياسية غير تقليدية تنطلق من نقطة اللاعودة مع حزب الله». من جانبها، لم تكن «القوات» في وارد ترك الجميّل يتصدّى للمشهد في ظرفٍ كهذا، فارتفعت وتيرة الاتصالات وخرجت عن إيقاعها الروتيني، وأفضت إلى صدور بيانٍ موقّع من النواب الـ 31 أنفسهم، الذين يتصرّفون ككتلة سياسية متّحدة، وقد رأت مصادر هذه القوى أن ما يجري هو «الترجمة الأولى للشكل الجديد من المواجهة السياسية»، فارتأت الخروج ببيان بمثابة «خريطة طريقٍ، يحسم العديد من النقاط الأساسية التي تشكّل رؤيتها».
مساعي لضم شخصيات لتعويض نقص النواب السنة الى جانب الكتائب والقوات


ويتّضح من البيان أن تلك الرؤية تتمحور حصراً حول حزب الله وسلاحه، فجميع البنود تصبّ في النهاية حول السلاح، إن كان من خلال البنود المطالبة بنزعه وحصر السلاح بيد الدولة، أو من خلال الحديث عن «اعتماد سياسة خارجية تقوم على الحياد حمايةً للبنان»، أو الطلب من المجتمع الدولي تطبيق القرارات الدولية من 1559 إلى 1701. أو حتى عند تذكير المؤسسة العسكرية بدورها «المتمحور حول حماية الشعب من الميليشيات المسلحة وليس العكس»، تعبيراً عن استيائهم من عدم تصادم الجيش مع عناصر «حزب الله» في الكحالة.
بالتوازي، ينقل عارفون أن على طاولة البحث وضع مقترحات من أجل مأسسة المواجهة، لتأخذ شكل لقاء سياسي يشارك فيه معارضون هم أصحاب رأي وصحافيون ومؤثّرون وقيادات في مجموعات مدنية، في عودة بالزمن إلى حالة شبيهة بولادة 14 آذار، وأدوات عملها، وارتفاع متوقع بمنسوب التوتر السياسي والطائفي. واللافت أن الرهان، بحسب مصادر كتائبية، على «تحمّل الناس مسؤوليتها من خلال تحركات شعبية ترفض استباحة الشرعية، تواكب فيها الحراك البرلماني». وتكون بذلك «المعارضة» قد أوصلت فعلاً البلد إلى نقطة اللاعودة، وسط احتمال أن تقابل الشوارع بعضها البعض.
وتزامن صدور البيان، العالي النبرة، يوم الأربعاء، مع افتتاحية لصحيفة «الرياض» السعودية، في اليوم نفسه، تحت عنوان «مواجهة مفتوحة»، حيث توجّهت الى «المعارضة» بدعوتها إلى «خلق جبهة وطنية موسّعة ضد هيمنة الحزب الولائي، والترفع عن الخلافات الحزبية بين جميع الأطراف المعارضة»، ما يشكّل مؤشراً إضافياً يدعم معلومات أفادت في اليومين الماضيين بأنّ «التصعيد جاء منسّقاً بعد لقاءٍ مع السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا واتصالات بالسعوديين»، قابلتها أجواء أفادت بأن «الخطوة تندرج في إطار التناغم على سبيل تقديم المزيد من أوراق الاعتماد للسعودي والأميركي، قبيل عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، وأنّه يمكن الاعتماد على هذا الفريق المعارض ليشكّل أداة عرقلة مفاوضات أيلول في حال لم ترق حركة المبعوث الفرنسي للسعوديين والأميركيين».
يأتي ذلك على وقع استمرار حوار بين «حزب الله» والتيار الوطني الحرّ، وضع «المعارضة» في حالة ترقّب للخطوة التالية للنائب جبران باسيل. وفي هذا الصدد، تفيد الأجواء بأنّ «التفكير الجدي في خلق جبهة متماسكة بدأ مع تسريب أصداء جيدة عن حوار الحزب والتيار، ما استدعى التحضير لمواجهة أي تحالف جديد قد يفضي إليه الحوار عبر جبهة موحّدة».