بعض المديرين يتشدّدون في طلب إبراز الإذن الخطّي من وزارة التربية، ولا سيما حين يكون هدف زيارة هذه الجمعية أو تلك أبعد من تقديم مساعدة مالية أو عينية مباشرة، إذ إن بعض الهيئات الشريكة للمنظمات الدولية تحضر إلى المدارس من دون أن يرافقها أيّ ممثل عن وزارة التربية، وتطلب فتح الكومبيوترات والاطلاع على بيانات المدرسة، المدققة أصلاً من المناطق التربوية، مع انطباع مسبق بأن هناك هدراً أو خللاً في العمل الإداري، واضعة المدير في موقع الاتهام المباشر. واللافت أن تغييراً أساسياً طرأ على طريقة دخول الهيئات إلى المدارس، فبعدما «كانت في السابق تحمل الموافقة وتطلب المعطيات بتهذيب ولباقة، باتت تستخدم لغة الأمر». وتسأل مديرة ثانوية رسمية: «هل يعقل أن تطلب مني إحدى الجمعيات، في اتصال هاتفي، مثلاً معلومات عن أعداد اللاجئين السوريين في ثانويتي، أو أن يقول لي ممثل إحدى المنظمات إنه حصل على موافقة شفهية من منظمة اليونيسف لأسمح له بالدخول؟»، مشيرة إلى أن هناك من يزور المدرسة مرة واحدة ويلتقط صوراً للمبنى بحجة الترميم و«يختفي».
باتت المدارس تدار بثلاثة رؤوس: الإدارة، الأحزاب والجمعيات
ومن الأمثلة الفاقعة، العام الفائت، «اقتحام» شركة محاسبة أردنية مكلّفة من «اليونيسف» مدارس وثانويات رسمية للتدقيق في سجلات الحضور وتحديد مستحقي الحوافز التي تقدّمها الجهات المانحة للأساتذة بقيمة 125 دولاراً!
مثال آخر يتعلق بجمعية «لايزر» التي حصلت أخيراً على تمويل كبير وعرضت تقديم دعم مدرسي لتلامذة الثانوية العامة في كل ثانويات طرابلس ودير عمار والضنية، في محاولة، بحسب مصادر الأساتذة، لضرب انتفاضتهم، وتأمين تعليم بديل للطلاب من التعليم الرسمي المتوقف بسبب الإضراب. وكانت النتيجة، وفق المصادر، أن قُدّم برنامج مبتور، فلم تتجاوز نسبة النجاح 55 في المئة، علماً أن الجمعية نفسها كانت تتولّى هذا الدعم في ثلاث ثانويات فقط.
هكذا باتت المدارس تدار بثلاثة رؤوس: الإدارة، الأحزاب والجمعيات، فيما تحوّل بعض المديرين إلى مقاولين للجمعيات ومستسلمين للأمر الواقع، وأصبحت المدرسة الرسمية أسيرة البحث عن معيل على حساب السيادة والقانون، فاستبيحت بمبناها وتجهيزاتها وأساتذتها وتلامذتها لأيّ جهة كانت، بلا أيّ رقابة مالية وتربوية من وزارة التربية.