تدرس هيئة الشراء العام دفتر الشروط الخاص بمناقصة تلزيم تشغيل مراكز المعاينة الميكانيكية الأربعة في كل من صيدا وزحلة وطرابلس والحدت، والمُعدّ من قبل وزير الداخلية بسام المولوي، على أن تنشره الهيئة على موقعها الإلكتروني في غضون أيام. وفي التفاصيل، يسمح دفتر الشروط للشركات المهتمّة أن تقدّم عروضاً لتشغيل مركزٍ واحد أو أكثر من المراكز الأربعة للمعاينة لفترة ثلاث سنوات. بمعنى آخر فُتح المجال لأكثر من شركة لتشغيل المرفق العام، وعدم حصر مراكز المعاينة جميعها بشركة واحدة، تفادياً للاحتكار، كما كان الحال سابقاً مع شركة «فال»، على أن تفوز بالمناقصة «في كل مركز الشركة التي تقدّم السعر الأدنى». كما ينص دفتر الشروط على دفع بدل المعاينة عبر إيصال مالي لمصلحة إدارة السير والمركبات (النافعة) التي تدفع للشركات المشغّلة مستحقاتها، بعكس ما كان معتمداً سابقاً، إذ كانت «فال» تتقاضى الأموال مباشرة. وستكون أمام الشركات المهتمة مدة شهرين من تاريخ إعلان دفتر الشروط لتحضير عروضها والتقدّم بها، على أن تحدّد إدارة «النافعة» أياماً تسمح فيها للشركات بالكشف على مراكز المعاينة الأربعة، والاطّلاع على أوضاع الأبنية والتجهيزات التي تجزم مصادر «النافعة» بأنّ «حالتها جيدة، وما على الشركات إلا التشغيل». وفي ما خصّ بدل المعاينة، تلفت المصادر إلى أن «ما يتم تداوله عن توقّع بلوغه حد الـ 50 دولاراً غير صحيح، وهو سعر مرتفع جداً»، متوقّعة أن «تقارب الأسعار حدود الـ20 دولاراً، يتم دفعها بالليرة بحسب سعر دولار السوق الموازية».
إلا أنّ دفتر الشروط يتضمّن بنداً إشكالياً يثير الجدل، وهو اشتراط إعادة توظيف 80% من الأشخاص الذين عملوا في المعاينة منذ عام 2002، مع شركة «فال» السعودية التي أدارت القطاع حتى عام 2022، عندما قرّر المولوي إلغاء المعاينة إلى أجل غير مسمى نتيجة رفع الشركة بدل المعاينة من 30 إلى 120 ألف ليرة، من تلقاء نفسها، من دون مسوّغ قانوني. وكان سبق ذلك تنفيذ اتحادات النقل البري سلسلة إضرابات للمطالبة بإعادة المعاينة إلى كنف الدولة لـ«تحريرها» من الفساد والهدر والمخالفات القانونية التي ارتكبتها «فال».
هكذا أصبح موظفو الشركة من دون عمل، واليوم يطرح المولوي وإدارة النافعة استيعاب 80% من هؤلاء، بعد أن يخضعوا لامتحانات معيّنة من قبل إدارة «النافعة». وأُدرج البند ضمن دفتر الشروط تلبية لمطالبة رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر به، ونزولاً عند رغبة الموظّفين أنفسهم، باعتبار أن هؤلاء وإن كانوا موظّفين في شركة خاصة، إلا أنهم عملوا على إدارة مرفق عام، وأن على الدولة تجاههم مسؤولية ودوراً اجتماعياً، ولا ضير من استيعابهم من قبل الشركات الجديدة، عوض توظيف عمال جدد أو استقدام عمالة أجنبية. وإلى جانب المولوي وإدارة النافعة والأسمر، يؤيد رئيس هيئة الشراء العام الطرح. لكن ثمّة من يعتبر أن في الأمر «منفعة»، وأن الدولة غير مسؤولة عن الموظفين الذين سبق أن وقّعوا تعهدات حين جرى توظيفهم بعدم المطالبة بأي حقوق عند انتهاء عمل «فال» في المعاينة. ورغم النقاش الحاصل، فإن المعلومات تفيد بأن دفتر الشروط سيُنشر من دون تعديل هذا البند.
على صعيد متّصل، علمت «الأخبار»، أن إدارة النافعة، تتجه في المرحلة اللاحقة، إلى إطلاق مناقصة لإنشاء 4 مراكز معاينة جديدة، في كل من عكار والبقاع والجنوب وجبل لبنان، من شأنها تخفيف الضغط عن المراكز الحالية وتسهيل الأمور على سكان المناطق البعيدة عن المراكز القائمة حالياً في المناطق.

«متورّطون» يحاولون العودة إلى «جنّة النافعة»
أفادت معلومات «الأخبار» بأنّ 20 موظفاً من أصل 52 جرى توقيفهم قبل عام بتهم فساد واختلاس في «النافعة»، وجّهوا كتباً الأسبوع الماضي إلى الإدارة الجديدة يطالبون بإعادتهم إلى العمل. ومعظم هؤلاء من «الرؤوس الكبيرة» التي برزت أسماؤها في فضائح «النافعة»، من بينهم رئيس مصلحة تسجيل السيارات والآليات، ورئيس قسم الشحن العمومي، ورئيس قسم التسجيل، ومراقب عقد النفقات، ورئيس دائرة السوق.
دفتر الشروط يتضمّن بند استيعاب 80% من موظّفي المعاينة السابقين


وكانت الجهات القضائية قد أخلت سبيل هؤلاء وآخرين متورّطين في الملف، وسمحت لهم بمزاولة العمل مقابل تقاضيهم نصف راتب، إلى حين استكمال التحقيقات في الملف وصدور الأحكام النهائية بحقهم. إلا أن إدارة النافعة، حوّلتهم على الهيئة العليا للتأديب، أي أخضعتهم للتحقيق الإداري الداخلي ومنعتهم من مزاولة العمل «لانعدام الثقة». وتقدّر مصادر معنيّة أن «مطالبة 20 موظفاً دفعة واحدة بالعودة إلى النافعة تعني أنهم يريدون الإمساك مجدّداً بالمرفق العام، وتطيير الإدارة الجديدة». وفيما تشير التوقعات إلى احتمال رفض طلبهم، فإن القرار النهائي يعود إلى وزير الداخلية بسام المولوي.