كانت نايا حنا (7 سنوات) آخر ضحايا إطلاق الرصاص في الهواء، الشهر الماضي، عندما أصيبت برصاص الابتهاج بنتائج امتحانات الثانوية العامة، في بلد تشير الإحصائيات إلى أنه يشهد سقوط 7 قتلى و15 إصابة بالرصاص الطائش سنوياً. ووفقاً لدراسة أجرتها «الدولية للمعلومات»، بلغ عدد ضحايا الرصاص العشوائي بين عامَي 2010 و2021 في لبنان 81 قتيلاً و169 جريحاً.وفاة حنّا بعد أسابيع من إصابتها في الرأس أثارت موجة غضب وولّدت اقتراحَي قانون لتشديد العقوبات التي يفرضها القانون الحالي على مطلقي النار، أولهما معجّل مكرّر قدّمه النائب هاكوب ترزيان بعد نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، والثاني معجّل مكرّر باسم «قانون نايا حنا» أعلن عنه النائب أديب عبد المسيح في مؤتمر صحافي أول من أمس.
ويجرّم القانون الرقم 71، الذي أقرّه مجلس النواب عام 2016 إطلاق عيارات نارية في الهواء، ويعاقب مطلق النار بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة مالية من 8 إلى 10 أضعاف للحد الأدنى الرسمي للأجور. وتصل العقوبة، في حال أدّى إطلاق النار إلى الموت، إلى الأشغال الشاقة لمدة لا تقلّ عن 10 سنوات ولا تتجاوز 15 سنة، وغرامة من 20 ضعفاً إلى 25 ضعفاً للحدّ الأدنى الرسمي للأجور.
يتضمّن اقتراح عبد المسيح تغليظ عقوبة مطلقي العيارات النارية في الهواء لتشمل «الشركاء والمحرّضين والمسهّلين»، إذ يقترح تشديد عقوبة إطلاق النار في الهواء من سلاح مرخّص أو غير مرخّص من دون إلحاق الأذى بالأشخاص بالسجن بين سنة و3 سنوات وغرامة من 10 أضعاف إلى 15 ضعفاً للحد الأدنى للأجور. فيما ذهب ترزيان أبعد من ذلك في العقوبة التي تراوح بين 3 و7 سنوات سجنية، وتشتد العقوبة كلّما أدّى إطلاق الرصاص إلى الأذى ليصل إلى الأشغال الشاقة المؤبّدة، وغرامة لا تقلّ عن 25 ضعفاً للحد الأدنى للأجور إذا تسبّب بالوفاة، مقارنة باقتراح عبد المسيح الأشغال الشاقة المؤقّتة لمدة لا تقلّ عن 15 سنة وغرامة من 35 إلى 50 ضعفاً للحد الأدنى للأجور.
اللافت أن عقوبة إطلاق النار التي تتسبب بالوفاة في اقتراح ترزيان، أي الأشغال الشاقة المؤبّدة، تتجاوز عقوبة القتل قصداً التي تنصّ عليها المادة 547 من قانون العقوبات (الأشغال الشاقة من 15 إلى 20 سنة). فيما لا يبدو مفهوماً مقصد عبد المسيح في الفقرة (هـ) من اقتراح القانون بأن «تطبّق العقوبات على كلٍّ من الفاعل، والشريك، والمحرّض، والمسهّل (صاحب مكان إطلاق النار، منظّم المناسبة، مالك السّلاح المستعمَل، بائع الفاعل أو مزوّده بالطلقات النارية…)، إذ لم يحدد مسؤولية هذه الأطراف وأي عقوبة مفروضة على كلّ منهم. عبد المسيح أوضح لـ«الأخبار» الالتباس بأنه «إذا وقع الحادث في منزل، يجب أن يدلّ صاحب المنزل على مطلق النار ويسلّمه إلى القوى الأمنية، وإلا سيكون متواطئاً معه ومتسبّباً في وقوع الجريمة».
مؤسّس منظمة «ريفورم» المحامي رفيق غريزي يرى أنّ الأصحّ «إلغاء القانون 71 وليس تعديله، والامتثال لمفاعيل المادة 547 معطوفة على المادتين 549 و189 من قانون العقوبات في حال تسبّب إطلاق النار بالوفاة، باعتبار أنّ إشهار السلاح وإطلاق النار في الهواء الطلق يُصنّفان في إطار القتل العمد، كما تنطبق عليهما صفة القصد الاحتمالي. أما إذا لم يؤدِّ الفعل إلى الوفاة، فتنطبق عليه صفة جناية محاولة القتل الخاضعة للمادتين 200 و201 من قانون العقوبات.
بعيداً عن الاقتراحات التي تأتي على وقع الغضب الشعبي الذي سرعان ما يُنسى بعد وقت على انقضاء الحادثة، وعن «المبالغات»، كأن يحمّل صاحب صالة أعراس أو متعهّد حفلات مسؤولية من يطلق الرصاص في العرس... هل المشكلة في أصل القوانين أم في تطبيقها؟ يجيب غريزي: «طبعاً في التطبيق، وتبدأ من مسؤولية القوى الأمنية في كشف الفاعل من دون أن تتستّر عليه الفاعليات من مخاتير ورؤساء بلديات ووجهاء وأحزاب، وتفعيل دور القضاء والأجهزة الأمنية بدل تحميل صاحب مكان إطلاق النار مسؤولية دماء من سقط في أرضه».