وبناءً على طلب وزير الداخلية بسام المولوي من ديوان المحاسبة إبداء الرأي في مدى إمكانية تطبيق قرار مجلس الوزراء الرقم (13) على عقد الشركة، والبت في تاريخ انتهائه، خلُص الديوان إلى اعتبار عقد «إنكريبت» واحداً من عقود التشغيل المشمولة بالقرار (13)، بما أنّه يتضمّن تنفيذ أشغال المقاولة والكهرباء وتحديث برامج المعلوماتية وإصدار بطاقات وتقديم خدمات مكننة وصيانتها. بمعنى آخر، نسف حقّ الشركة بطلب مستحقاتها بالدولار الطازج، وحكم باستيفائها إياها وفق معادلة القرار (13).
أمّا لجهة تاريخ انتهاء العقد بين الشركة والهيئة، فإن الشركة تدّعي انتهاء العقد بانتهاء ما يُعرف بأوامر مباشرة العمل (طلبات شراء تصدرها الهيئة وتكلّف بموجبها الشركة بشراء لوازم)، وحيث إن هناك أمرَي مباشرة عمل لم يصدرا عن الهيئة، خلال العامين الماضيين، اعتبرت «إنكريبت» أنّه يُفترض تجديد العقد سنتين إضافيتين مع ما يرتّبه ذلك من أعباء إضافية على الخزينة. بينما انطلق الديوان مما ينص عليه العقد لجهة انتهائه بعد خمس سنوات من تاريخ إصدار أول رخصة سوق بيوميترية، وبما أن الإصدار الأول حصل في 21/9/2016، استقرّ رأي الديوان على اعتبار تاريخ 20/9/2023 موعداً لانتهاء العقد. وأضاف عبارة «دون إغفال قانون تعليق المهل»، ما يعني احتساب المهل التي عُلّقت أثناء جائحة «كورونا»، وبالتالي تمديد فترة العمل لبعض الوقت، من دون تكبيد الدولة مصاريف إضافية.
في النتائج المتأتّية عن توقّف «إنكريبت» عن العمل، أكّد الرأي الاستشاري حقّ إدارة النافعة بمطالبة الشركة «المتلكّئة» بتعويضات تساوي الخسارة المالية التي كبّدتها للخزينة، وهي تُقدر بـ23 مليار ليرة يومياً، فضلاً عن ملاحقتها جزائياً، سنداً إلى أحكام قانون الشراء العام الذي أجاز ملاحقة المتعهّدين جزائياً. وتبيّن خلال التدقيق في الملف أن الشركة تقاضت حتى تاريخه حوالي 184 ملياراً و332 مليون ليرة، أي ثلث قيمة الصفقة السنوية، وبعد إضافة كلفة خدمات المكننة والتجهيزات، يلامس ما تقاضته إنكريبت 50% من مجمل قيمة الصفقة في السنة الأولى وحدها. وهو أمر جدير بالوقوف عنده، ويستوجب وفق الرأي الاستشاري «التدقيق في الملف لجهة التكلفة ومدى اعتدال الأسعار في إطار الرقابة على الحسابات». بمعنى، مراجعة أسعار الخدمات التي قدّمتها الشركة، انطلاقاً من «الرقم المخيف» الذي تقاضته نسبة إلى الخدمات المقدّمة.
«إنكريبت» حرمت الخزينة من 23 مليار ليرة يومياً على مدى شهرين
في ضوء كل ما تقدّم من وقائع وإشكاليات وإمعان «إنكريبت» في تعطيل مصالح الدولة، رأى الديوان ضرورة اتخاذ إدارة «النافعة» ملاحقة الشركة جزائياً، أمام النيابة العامة التمييزية، والتي تستطيع هي أيضاً التحرّك من تلقاء نفسها بما أنها تبلّغت رأي الديوان. وهو من جانبه سيُعيد فتح «الملفات القديمة» في النيابة العامة لديه وكذلك الغرفة المختصّة.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أنّ إدارة «النافعة» بدأت تحضّر دعويين ضد «إنكريبت» واحدة جزائية وأخرى أمام قضاء العجلة. وحتى في حال عادت الشركة إلى العمل - وهو أمر مستبعد – يبقى للنيابة العامة التمييزية ولإدارة «النافعة» ولديوان المحاسبة الحق بملاحقتها استناداً إلى ارتكابها جرماً جزائياً تمثّل بتعطيل المرفق العام لشهرين.