يكثّف «السياديون» ممن يُطلِقون على أنفسهم تسمية «قوى المعارضة» اتصالاتهم بقوى سياسية ونيابية وسطية لاستمالتها في وجه حزب الله. وتنصبّ مساعي هؤلاء على توسيع «جبهتهم» السياسية المكوّنة من 31 نائباً، غالبيتهم من المسيحيين، يتقدّمهم حزبا القوات والكتائب، إلى جانب عدد من النواب «المستقلّين»، في محاولة لضمّ شخصيات سُنية إلى هذه «الجبهة»، عشية عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، وعلى وقع الحوار بين الحزب والتيار الوطني الحرّ، ما وضع «المعارضة» في حالة ترقّب.وفي هذا السياق، عُقد الأربعاء الماضي، بطلبٍ من قوى «المعارضة»، لقاء نيابي في مكتب النائب نبيل بدر في بيروت، بين وفد من نواب «المعارضة» ضمّ غسان حاصباني، مارك ضو، الياس حنكش، وضاح الصادق وميشال معوض، ووفد من نواب تكتّل «اللقاء النيابي المستقل» ضم إلى بدر، النواب عماد الحوت، نعمت افرام، سجيع عطية، أحمد الخير، محمد سليمان وجميل عبود. ودار النقاش حول الاستحقاق الرئاسي والحراك الإقليمي ممثّلاً بـ«اللقاء الخماسي» وزيارة لودريان المرتقبة منتصف أيلول الجاري، إلى الموقف من تشريع الضرورة وعمل حكومة تصريف الأعمال.
وفي محاولة لـ«كسر حيادية» النواب السُّنة العشرة الذين يشكّلون «اللقاء النيابي المستقل»، ركّز وفد «المعارضة» على ثوابت تجمعه والنواب «اللقاء» كتطبيق اتفاق «الطائف» واحترام السيادة الوطنية والدستور والمطالبة بتطبيق المهل وتطبيق القرارات الدولية المرتبطة بلبنان، وضرورة توطيد علاقات لبنان بمحيطه العربي وتحديداً دول الخليج. والهدف، بحسب معنيين، «الإيحاء بأنّ بين النواب السُّنة وقوى المعارضة الكثير من المشتركات التي يُبنى عليها، وتسمح بتموضع الطرفين في الخندق ذاته». وبصريحِ العبارة وصّف وفد «المعارضة» مواقف النواب السُّنة «الحيادية» في جلسات الانتخاب الرئاسية الـ12، بـ«أنّها تفسّر تعاطفاً مع حزب الله وحلفائه، ويتوجّب الوقوف في صفّ المعارضة»، وذلك، على خلفيّة عدم اقتراع هؤلاء لمصلحة مرشّحَي «المعارضة» ميشال معوّض وجهاد أزعور، رغم أنّهم حجبوا أصواتهم عن رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وهو أسلوب ابتزازي، سبق أن استخدمته قوى في «المعارضة» بوجه قلّةٍ من نواب «التغيير» عشية جلسة 14 حزيران الرئاسية، لإجبارهم على التصويت لأزعور.
التواصل بين الجانبين قائم منذ فترة، إلا أنّ هذا الاجتماع كان «الأكثر جدّية»، وعرض خلاله كل فريق تصوّره للمرحلة وإدارتها. فالـ«المعارضة» لم تبدّل موقفها الرافض للحوار، بل «تجهد لعلّها تحصل على مساندة النواب السُّنة في عرقلة تشكيل أي طاولة يكون الحزب شريكاً فيها»، ظناً أنّها تقطع الطريق على وصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة. ومصادرها، تتحدّث عن «محاولة لجمع أكبر عدد من القوى والطاقات لإيجاد بدائل من المطروح في الملف الرئاسي». لكن خلق التوازن، ببعديْه العددي والطائفي، الذي تسعى «المعارضة» لتحقيقه، عبر جذب النواب السُّنة إلى صفّها، لا يبدو أنّه بالمهمة السهلة، أقلّه حتى اللحظة. فمن جهته، ثبّت «اللقاء النيابي المستقل» خلال الاجتماع مجموع نقاطٍ تقول مصادره إنّه «لا حياد عنها»، كضرورة الحوار بين كلّ مكوّنات البلد، حتى من دون انتظار رعاية خارجية، بشرط احتكامه لسقف «الطائف»، وهي النقطة المحورية التي لم تتوافق مع أهواء «المعارضة»، إلى جانب تأييد «اللقاء» لتشريع الضرورة، واستمرار عمل حكومة تصريف الأعمال في تسيير شؤون الناس. كما أكّد النواب السُّنة أنّهم لن ينسحبوا من أيّ جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، ويؤيدون الجلسات المتتالية، وانتخاب رئيسٍ يحظى بتوافق وطني. ويعوّل هؤلاء على لعبِ دورٍ وسطي يدعم التلاقي وكسر الانقسام السياسي العَمودي الحاصل.
وقرّر الحاضرون إبقاء لقاءاتهم مفتوحة عبر لجنة مؤلّفة من النواب الخير وبدر وحاصباني والصادق.