قبل أسبوعين من إضاءة الشعلة الواحدة والأربعين لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، احتضن ثرى دير ميماس، أول من أمس، جان فواز، أحد العقول المدبّرة لـ«جمول». بعد التشييع الذي دعا إليه الحزب الشيوعي اللبناني، صار لـ«الحاج»، كما كان يلقبه المقاومون، عنوان واضح في مدافن دير ميماس، بعد عقود من التخفّي. كثر كانوا بحاجة إلى التعرف إلى «أبو يوسف» الذي أصرّ على أن يبقى مجهولاً لأجيال الرفاق الذين نشأوا بعد تقاعد المقاومة العسكرية.

«عقل الجبهة المبدع ووجهها الجميل السري»، كما عرّف عنه بيان الحزب، استقال من الجيش اللبناني نهاية الستينيات ليتفرّغ لتصنيع العبوات والأجهزة الإلكترونية لمصلحة فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد العدو الصهيوني وعملائه. عقب الاجتياحيْن عامَي 1978 و1982، ظل «الحاج» شبحاً يقارع العدو حتى كاد أن يكشف أمر مختبره عام 1982. فاضطر لمغادرة الجنوب إلى بيروت. ومن العاصمة، رفد المناطق بعبواته وتقنياته لتفجير الدوريات واستهداف الآليات. ومن المقاومين الذين استخدموا مصنوعاته، نجله الذي استشهد عند مثلث خلدة خلال محاولته تفجير عبوة بدبابة إسرائيلية. بعد عام 1990، تقاعد «الحاج» قسراً، وعاد بعد التحرير إلى بلدته الجنوبية. لكنه في سلوكه اليومي، ظل الشيوعي النموذجي. تحوّل إلى مزارع يهتمّ بالأرض والدواجن، ويناضل ضمن منظمة الحزب في مرجعيون. وجمع في أسرته الصغيرة لبنان بتنوّعه. فوقف في طابور تقبّل العزاء به، ابنه المؤهّل في الجيش وابنته الراهبة وأقرباؤه وأنسباؤه من كل بلدة جنوبية.