قد يتردد ضحايا التعذيب في التقدّم والإبلاغ عن الإساءة، أو قد يتّخذ الجناة خطوات لإخفاء جرائمهم، ما يجعل التحقيق الجنائي في هذه قضايا صعبًا. ومع ذلك، من خلال تحديد أسباب الجروح وتفاصيلها (التي قد تكون قد حجبت بفعل عامل الشفاء الطبيعي أو الطبّي)، ومن خلال التحقيق الدقيق واستخدام التقنيات الجنائية المناسبة من الممكن جمع الأدلة التي قد تُستخدم لمقاضاة مرتكبي التعذيب. تختلف العلامات التي يمكن العثور عليها على جسد ضحية التعذيب اعتمادًا على الأساليب المستخدمة، علماً أن ليس كل ضحايا التعذيب ستظهر لديهم علامات مرئية بشكل واضح على أجسادهم فبعض أساليب التعذيب، مثل التعذيب النفسي، لا تترك آثارًا جسدية. ومع ذلك، فإن بعض العلامات الجسدية الشائعة تشمل ما سنتناوله في شرح الصور.

الرضوض والكدمات


بقع زرقاء أو أرجوانية أو حمراء تظهر على الجسم بسبب تسرّب الدم من الأوعية الدموية التالفة. يمكن أن تحدث بسبب الصدمة القوية، مثل اللكمات أو الركلات أو الضربات بجسم صلب. قد تظهر في أي مكان على الجسم، لكنها أكثر شيوعًا في الوجه والرأس والجذع. يمكن أن يشير شكلها إلى اتّجاه الاصطدام، ويشير لونها إلى المدة التي مضت على حدوث الإصابة. مع التئام الرضوض، يتغيّر لونها من الأحمر أو الأرجواني إلى البنّي ثم الأخضر فالأصفر.

آثار الكسور


علامات على كسور العظام ناجمة عن تطبيق القوة بشكل متعمّد. باعتماد أساليب متنوعة من التعذيب، كضرب الضحية بأجسام صلبة، أو ركل أو دهس عظامه، أو إسقاط أشياء ثقيلة عليه، أو تعذيبه في وضعية تضع ضغطًا على عظامه. يمكن رؤية آثار الكسور على الأشعة السينية وتقنيات التصوير الطبية الأخرى. كما يمكن للطبيب أن يشعر بها أثناء الفحص البدني.

الجروح


يمكن أن تحدث الجروح بسبب الأجسام الحادة، مثل السكاكين أو الشفرات أو الزجاج المكسور. غالبًا ما يكون لهذه العلامات نمط مميز، مثل سلسلة من الجروح المتوازية أو العميقة. قد تكون علامات الجروح الناجمة عن السكّين أو الأشياء الحادة سطحية (تؤثر على الطبقة العلوية من الجلد فقط) أو عميقة (تؤثر على طبقات أعمق من الجلد والأنسجة). قد تكون علامات هذه الجروح حمراء ومتورمة ونازفة، كما قد تكون متقشرة.

علامات الربط


يمكن لكل من أدوات الخنق (مثل الحبال والعصي أو الأسلاك) واليدين، أن تترك آثارًا لكدمات منفردة على الرقبة أو حولها تظهر كخطوط حمراء، أو كدمات حول الأطراف. تقدّم المعاينة الجنائية فحصًا تفصيليًا فيما يتعلق بمسار وعمق وعرض الحبل أو السلك أو المواد التي استُخدمت لأغراض الخنق أو الشنق.

السحجات Abrasion


إصابات في الطبقة العليا من الجلد، ناتجة عن الخدش أو الاحتكاك بسطح خشن. وهي نوع شائع من الإصابات في التعذيب، إذ يمكن أن تنتج عن مجموعة متنوعة من الأساليب، مثل الجَلد أو الضرب بأشياء كالأحزمة أو العصي أو الكابلات، كذلك جرّ الضحية على سطح خشن، أو ربط يديه أو قدميه خلف ظهره وإجباره على المشي أو الزحف، وغيرها.

الحروق


يمكن أن تحدث الحروق بسبب الحرارة أو المواد الكيميائية أو الكهرباء. غالبًا ما توجد علامات الحروق على مناطق من الجسم مخفية عن الأنظار، مثل الظهر والأرداف والفخذين. لدى علامات الحروق نمط مميز، مثل نمط «البرق» الناتج عن الصعق بالكهرباء أو نمط «الرشّ» الناتج عن السوائل الساخنة أو البخار أو الحرق بالسجائر. عادةً ما تكون علامات الحروق حمراء ومتقرحة ومتورمة، كما قد تكون متفحّمة أو سوداء.

علامات الاعتداء الجنسي


قد يكون لدى ضحايا الاعتداء الجنسي مجموعة متنوعة من العلامات على أجسادهم، بما في ذلك الكدمات والجروح والتمزقات. قد تظهر أيضًا عليهم علامات تدل على الإصابة بأمراض منقولة بالاتصال الجنسي.


تعذيب مصطنع
قد يحدث بعض الأشخاص جروحًا على أجسادهم بحجة اتهام أشخاص آخرين بالإساءة وسوء المعاملة وباستخدام أساليب التعذيب. هنا يأتي دور المعاينة الجنائية الدقيقة التي تظهر في هذه الحالة أن الآثار والعلامات الموجودة على جسد المدّعي ما هي إلا جروح سطحية وغير مؤلمة ويمكن للضحية المزعومة الوصول إليها وافتعالها.

عمر الجروح
من الأساسي تحديد عمر الجروح والآثار والأذيات على جسد ضحية التعذيب بالإضافة إلى تقييم ما إذا كانت الإصابات متعددة أو محدثة بواسطة أكثر من جانٍ واحد. كذلك من الضروري تحديدها وفق التسلسل الزمني لوقوعها مع الأخذ في الاعتبار أن المدة الزمنية لالتئام الجروح تعتمد على عمر الضحية، وحجم الجرح وطبيعته، والأداة المسببة، وعوامل أخرى.