تراوح غرامة مخالفة الأنظمة الإدارية أو البلدية المنصوص عنها في قانون العقوبات اليوم، بين 100 ألف ليرة و600 ألف، بعد تعديلها عام 1983 بموجب المادة 49 من المرسوم الاشتراعي الرقم 112 تاريخ 16/9/1983، ثم بموجب المادة 165 من القانون الرقم 239 تاريخ 27/5/1993.فعلى سبيل المثال، من استحمّ على مرأى من المارة بوضع مغاير للحشمة، ومن ظهر في محل عام أو مباح للعامة بمثل ذلك الوضع، يعاقب بالحبس حتى ثلاثة أشهر على الأكثر ويُغرّم بين 40 ألف ليرة و400 ألف. ويعاقب المخالف الذي توصّل بالغش على رفع أو تخفيض أسعار البضائع أو الأسهم التجارية العامة أو الخاصة المتداولة في البورصة، بالحبس مع الشغل من ستة أشهر إلى سنتين، وبغرامة تراوح بين مليون ليرة و6 ملايين. وتصل غرامة استخراج مواد من الأملاك العمومية البحرية من دون رخصة إلى 500 ليرة عن كل متر مكعّب وفقاً لقانون صادر في 10/12/1953، ما يعني -بعمليّة حسابيّة بسيطة- أن استخراج جبل بحجم كيلومتر مكعّب سيكلّف المخالف غرامة قدرها 500 ألف ليرة، أي 5 دولارات ونصف دولار.

(حساب قوى الأمن الداخلي على فيسبوك)

وتراوح غرامة ارتكاب الجنحة، حين لا ينصّ القانون على غرامة مختلفة، بين 50 ألف ليرة ومليونَين، إلا إذا نصّ القانون على غير ذلك، ومدّة الحبس المستبدل في حال عدم دفع الغرامة ستجري باعتبار أن يوماً واحداً من هذه العقوبة يوازي غرامة تراوح بين ألفَي ليرة وعشرة آلاف. أما غرامة الشيك من دون مؤونة، فتراوح بين مليون ليرة وأربعة ملايين، ويُحكم بدفع قيمة الشك مضافاً إليه بدل العطل والضرر إذا اقتضى الأمر، إضافة إلى عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.
أما من يفتح أو يدير مركزاً تجميلياً من دون ترخيص، فيعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من عشرة ملايين ليرة إلى خمسين مليوناً، أو بإحدى هاتين العقوبتين بموجب قانون تنظيم تراخيص مراكز التجميل الطبّية، رغم أن القانون صدر عام 2017 ويحمل الرقم 30/2017.
أما في قانون السير الجديد الرقم 243/2012، فإن كل سائق تسبّب خلال قيادته مركبة بموت إنسان عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة، يُعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مليون ليرة إلى ثلاثة ملايين.
وحين صدر قانون نظام القياس في لبنان، رُفعت قيمة عدد من الغرامات، إذ إنه بموجب المادة 25 من القانون الرقم 158، 158 تاريخ 17/8/2011، فإن كل غش آخر سواء في كمية الشيء المسلّم أو ماهيته إذا كانت هذه الماهية هي السبب الدافع للصفقة، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبالغرامة من خمسين مليون ليرة إلى خمسة وسبعين مليوناً أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ما ذكرناه سالفاً هو عيّنة من الغرامات التي سيحكم بها القضاء على المخالفين. ولولا صدور بعض القوانين الجديدة منذ عام 2005، لما كانت أيّ من الغرامات وصلت إلى رقم المليون.

الغرامات بعد انتهاء الحرب الأهلية
عام 1983، عُدّلت بعض أحكام قانون العقوبات بموجب المرسوم الاشتراعي 112/1983، واستُبدلت بموجبها بعض الغرامات بقيمة أكبر عندما بدأت القوانين اللبنانيّة تعرف الألف ليرة كوحدة نقدية، بعدما كانت غالبية الغرامات عبارة عن ليرات حين كانت لليرة قيمة شرائية جيدة.
إثر انتهاء الحرب الأهلية عام 1991 ودخول البلاد مرحلة من الاستقرار النّسبيّ على مستوى العملة الوطنيّة وسعر الصّرف للعملات الأجنبيّة، أصدر مجلس النوّاب قوانين عدّة بمضاعفة الغرامات المنصوص عنها في قوانين العقوبات. وزيدت قيمة غالبية هذه الغرامات مئة مرّة، بموجب الفقرة (1) من المادة (30) من القانون الرقم 89/91 تاريخ 7/9/1991 (قانون الموازنة العامة لعام 1991)، التي نصّت على أن تُحد، خلافاً لأي نصّ آخر، مقادير الغرامات الواردة في النصوص القانونية التالية وفقاً للقيم والحدود المبيّنة في كل منها:
• تُرفع وبالحدود المرسومة لها قانوناً مئة مرّة مقادير مختلف الغرامات التي تقضي بها المحاكم، باستثناء ما ورد عنها في النصوص القانونية الصادرة من عام 1983 وما بعد فإنها تُرفع ثمانين مرّة.
• تُعدّل مقادير الغرامات النقدية الواردة في المادتين العاشرة والحادية عشرة من القانون الرقم 30 تاريخ 5/8/1932 (تنظيم نوادي صيد الحمام) لتراوح بين عشرة آلاف ومئة ألف ليرة لبنانية.
• تُعدل مقادير الغرامات النقدية الواردة في المادتين 31 و35 من قانون 7 حزيران 1937 (صنع العرق وتنظيم الكحول الصناعية) لتراوح بين مئة ألف وثلاثمئة ألف ليرة لبنانية.
• تُعدل مقادير الغرامات النقدية الواردة في المادتين التاسعة والعاشرة من القانون الصادر بتاريخ 5/3/1932 (رسوم المراهنات) وتعديلاته بحيث تراوح بين مئة ألف وثلاثمئة ألف ليرة لبنانية.
• مضاعفة مقادير الغرامات الواردة في المادة 25 من المرسوم الاشتراعي الرقم 66 تاريخ 5/8/1967 (قانون ضريبة الملاهي) والمعدّلة بموجب المادة 22 من قانون موازنة 1985 لتصبح في حال مخالفة أحكام المواد 6، و11، و12، و15 غرامة تعادل ضعفَي الضريبة.
عام 1992، زيدت معدلات الغرامات على مخالفات التبغ والتنباك بموجب القانون الرقم 175 تاريخ: 22/12/1992. وجرى تحديد قيمة هذه الغرامات بنسبة ضعفَي الزيادة التي طرأت أو قد تطرأ لاحقاً على الحدّ الأدنى للأجور المطبّق في 1/1/1961 ومقداره 125 ل.ل. الذي يُعدّ أساساً ثابتاً لكل عملية تحديد.
عام 1993، عُدّلت بعض أحكام قانون العقوبات، وعدّت الحكومة حينذاك أن قانون العقوبات تضمّن في العديد من نصوصه غرامات فُرضت كجزاء نقدي على ارتكاب جرائم مختلفة محددة العناصر، وأنه بعد انقضاء ما يقارب تسع سنوات من عام 1993 على آخر تعديل له أو منذ عام 1983، وما رافق ذلك من انعكاسات على قيمة النقد الوطني، أدّى إلى فقدان الغرامات المذكورة مفعولها الرادع والزاجر، وأصبح من الضروري إعادة النظر في تحديد أرقام مبالغ الغرامات لتستعيد بعضاً من قيمتها التي اتخذت في الأصل أساساً لتحديد الجزاء.
وأضافت الحكومة أنه رغم أن قانون الموازنة لعام 1991 تضمّن نصاً في المادة 30 منه يضاعف الغرامات ثمانين مرّة، فقد ارتأت الحكومة رفع المبالغ الأصلية إلى مئتي مرّة بدلاً من ثمانين.
تراوح غرامة التسبّب بموت إنسان بين مليون ليرة وثلاثة ملايين إضافة إلى الحبس


على هذا الأساس وُضع مشروع القانون، متناولاً بالتعديل جميع المواد المتضمّنة مبالغ نقدية بنسبة تأخذ في الاعتبار تدنّي قيمة النقد الوطني لتستعيد النصوص مفعولها الرادع. وبالفعل صدر حينذاك التعديل المطلوب بموجب القانون الرقم 239 تاريخ 27/05/1993.
في عام 2000، نصّت المادة 46 من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2000 (القانون الرقم 173 تاريخ: 14/02/2000) على مضاعفة الغرامات لمخالفة قانون العمل. وتضاعفت 25 ضعفاً قيمة الغرامات المحددة في المادتين 107 و108 المعدلتين من قانون العمل الصادر بتاريخ 23 أيلول 1946.
عام 2006، أصدر مجلس النواب قانوناً يعفي أصحاب العمل من عدد من غرامات مخالفات قانون الضمان الاجتماعي السابقة لصدوره، إلا أن القانون نفسه قرّر مضاعفة قيمة الغرامة ثلاث مرّات بموجب المادة الثانية من القانون الرقم 753 الصادر في 22/5/2006.

الحدّ الأدنى للأجور أساساً لتحديد قيمة الغرامة
انتهج مجلس النواب منحى مختلفاً في عدد من القوانين، فأصدر قوانين ذكرت الحدّ الأدنى للأجور كأساس لتحديد قيمة الغرامة، إذ تميّز قانون «الحدّ من التدخين وتنظيم صنع وتغليف ودعاية منتجات التبغ» الرقم 174 تاريخ 29/08/2011، باعتماده في غراماته على الحدّ الأدنى للأجور كأساس لمقدار الغرامة. فمخالفة عدد من مواده تراوح بين ضعفين إلى ستة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور وغيرها من العقوبات التي يبلغ بعضها خمس الحدّ الأدنى مثلاً وغيرها من الغرامات المحددة بخمس الحدّ الأدنى للأجور.
فبعد أن كانت قيمة هذه الغرامة تراوح بين 1.350.000 ليرة و4.050.000 ليرة حين كان الحدّ الأدنى للأجور يبلغ 675 ألف ليرة، إلا أنه بمجرد رفع الحدّ إلى 9 ملايين أصبحت هذه الغرامة تلقائياً تراوح بين 18 مليون ليرة و54 مليوناً.
والأمر نفسه ينسحب على مخالفات قانون حماية نوعية الهواء الرقم 78 تاريخ: 13/04/2018، إذ تراوح الغرامة بين 25 ضعف الحدّ الأدنى للأجور و300 ضعف هذا الحدّ.

الحل الأمثل قد يكون بإقرار نصّ يقضي بزيادة الغرامة بنسبة ضعفَي الزيادة التي طرأت أو قد تطرأ لاحقاً على الحدّ الأدنى للأجور النافذ في كل حين


ويعاقب قانون الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة الرقم 80 تاريخ: 10/10/2018 منتجي النفايات ومستخدميها، ومستوردي المواد التي ينتج عنها نفايات وموزعيها، ومؤمّني الخدمات، والمشغّلين بالحبس من شهر إلى سنة و/أو بدفع غرامة تراوح بين 14 و70 ضعف الحدّ الأدنى للأجور وتصل الغرامة إلى 700 ضعف هذا الحدّ عند رمي ما يوازي أو يفوق 500 كلغ من النفايات الصلبة غير الخطرة في المياه، والتربة، وشبكات الصرف الصحي، أو غيرها من البنى التحتية والمواقع الطبيعية.
أما قانون تنظيم مهنة العلاج النفسي الحركي الرقم 137 تاريخ: 09/07/2019، فقد عاقب بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بغرامة تُقدّر من ضعف إلى عشرة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، كل من زاول المهنة بدون وجه حقّ.
وكذلك القانون الرقم 192 تاريخ: 16/10/2020 الذي يرمي إلى تعديل القانون الرقم 77 تاريخ 13/4/2018 «قانون المياه»، فإنه يعاقب بالحبس من يوم واحد إلى 10 أيام، وبغرامة تراوح بين مرّة ونصف الحدّ الأدنى للأجور و22 ضعف هذا الحدّ أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بسحب المياه مخالفاً بفعله هذا موجب الاستحصال على الترخيص، ويعاقب بالحبس من عشرة أيام إلى ثلاث سنوات، وبغرامة تراوح بين 4 أضعاف الحدّ الأدنى للأجور و220 ضعف هذا الحدّ أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقدم عن قصد أو عن غير قصد، على إلقاء أو تسييل أو رمي أو سكب مادّة أو مواد تضرّ بالمياه السطحية أو الجوفية أو بمياه البحر...
وأيضا حين عُدّل القانون الرقم 293/2014 تاريخ 7/5/2014 (حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري) بموجب القانون الرقم 204 تاريخ: 30/12/2020، أصبحت غرامات جرائم العنف الأسري مرتبطة بالحد الأدنى للأجور.



إعادة القيمة الرّادعة
بتاريخ 18/4/2023، قرّر مجلس الوزراء الموافقة على رفع الحدّ الأدنى للأجور وصدر المرسوم الرقم 11226/2023 بتاريخ 26/4/2023 الذي يقضي بذلك، وبالتالي أصبح الحدّ الأدنى الرسمي للأجور 9 ملايين ليرة، ما يقضي بربط جميع الغرامات بالحد الأدنى سواء بذكر العقوبات بأنها أضعاف أو أجزاء من الحدّ الأدنى للأجور أو إقرار نصّ يقضي بزيادة الغرامة بنسبة ضعفَي الزيادة التي طرأت أو قد تطرأ لاحقاً على الحدّ الأدنى للأجور النافذ في كل حين. ولكن شرط أن يُعدّل الحدّ الأدنى تباعاً وألّا يقتصر الأمر على غرامات كبيرة برواتب هزيلة، فلو كنا في بلاد تتمتع بشفافيّة ضريبيّة لاقتضى أن تكون بعض الغرامات متناسبة مع راتب المخالف أو مع الدّخل الذي يجنيه لتكون أكثر عدالة.