في مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين عرس مستمر منذ يومين، لم يشهد المخيم مثيلاً له منذ المجزرة المشؤومة. الأمل بالنصر كبير، كما اليقين بحتمية العودة. كلّ من في المخيم اعتمروا الكوفيات، وأصوات مقدّمي الأخبار المنبعثة من التلفزيونات تختلط مع أناشيد المقاومة وزغاريد النساء. الخبر العاجل الذي يعلن عن نجاح عملية أو ارتفاع عدد قتلى العدو يساوي رشقاً نارياً، والرشقات لم تتوقف منذ الإعلان عن انطلاق عملية «طوفان الأقصى».الإيمان بالنصر لا شكّ فيه، لأن «الكيان إلى زوال». الستينية «أم حاتم» تشبه الأجواء بما جرى عقب حرب تشرين عام 1973 التي «أشعرتنا بأنّنا اقتربنا من فلسطين قبل أن تعود النكسات. أمّا اليوم، فنحن أقرب إلى أرضنا، للمنشية في عكا، حيث نريد العودة للعيش بكرامتنا في أرضنا».
في مسيرة أعلام داخل أزقة المخيّم، رفعت الأعلام الفلسطينية والسورية واللبنانية وأعلام الفصائل الفلسطينية، والحلويات ترمى من الشرفات على المارة. «سلّحونا سلّحونا وعلى فلسطين ودّونا» صرخت النسوة والرجال في المسيرة أمس، وسط أجواء فرح مناقضة لبؤس المخيم الذي يريد اللاجئون مغادرته إلى فلسطين هذه المرة، وليس إلى بلد هجرة ثالث يذوبون فيه. «ليفتحوا لنا الحدود، بوابة فاطمة أقلّه».
رأت سمر في العملية «استعادةً للعزّة الفلسطينية»، وترفض أي كلام عن وقف القتال ضد جنود العدو الذين ارتكبوا في أحياء المخيم عام 1982 واحدة من أفظع الجرائم في العصر الحديث.
«نحن ندرك أنّ اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت»، يجزم السبعيني أبو عبد الله، الأسير السابق الذي «دار» على عدد من المعتقلات، مثل الرملة والدامون والسرطان في الداخل. يقول إن الانتصار تأخر لأن «الأنظمة العربية باعت واشترت بالمقاتل الفلسطيني الذي تغيّر اليوم وأصبح معتمداً على نفسه لا على المفاوضات». يكاد يطير من الفرح وهو يعاين صور عمليات الأسر، «لأني ذقت طعم الذل في السجون». يسمّي المناطق التي خاض فيها معارك ضد العدو، إبل السقي، الخيام، وخلال اجتياح بيروت عام 1982، «ولم أفقد يوماً الإيمان بحتميّة النصر على العدو، فالإرادة هي السلاح الفلسطيني الأمضى ضد الغدة السرطانية».