«لبنان بلدٌ معادٍ للسامية وتمييزيّ وعنصريّ... ووفقاً لقوانينه عليّ أن أتصرّف بتمييز ضد اليهود والإسرائيليين إن وُجدوا بيننا في القاعة، وهو ما أرفضه...» بهذه العبارات تحدّث رجل الأعمال اللبناني، عمر حرفوش، أمام الدورة العادية الـ54 لمجلس حقوق الإنسان التي عُقدت في جنيف في 27 أيلول الفائت. وأنهى مداخلته بطلب مساعدة المجتمع الدولي للقضاء على القوانين اللبنانية التي تمنع التواصل مع إسرائيليين.حضور المرشح السابق إلى الانتخابات النيابية في الدورة ومداخلته «الملهمة»، لم يكونا بسبب قضية إنسانية يرفع لواءها، إنما بسبب قدراته المالية التي خولته، وفقاً لمصادر متابعة، شراء حق الكلام من منظمة غير حكومية تُدعى «Fundacion vida-Grupo Ecologic Verde»، وهي منظمة وهمية (منشوراتها متوقفة منذ عام 2020) من سلسلة «دكاكين» المنظمات التي تُحسن تحويل القضايا إلى «بزنس».
وقد سعى حرفوش في كلمته إلى استعطاف مجلس حقوق الإنسان عبر إثارة ملفّه القضائي المفتوح أمام المحكمة العسكرية بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، بعدما شارك في آذار الماضي في ندوة عُقدت في مقر الاتحاد الأوروبي، لإدراج شبكة «صامدون» الفلسطينية على قائمة الإرهاب، نظّمها منتدى The international legal forum (ILF)، الذي يعرّف عن نفسه بأنه «شبكة دولية من المحامين الداعمين لإسرائيل»، وحضرها حرفوش إلى جانب ممثلي منظمات داعمة للعدو الإسرائيلي وأحزاب من اليمين الفاشي الأوروبي. يومها عرّف مدير الجلسة عن حرفوش بأنه «رجل السلام والتسامح»، قبل أن يُلقي الأخير مداخلة ابتدأها بـ«إنني أعمل على مشروع السلام مع إسرائيل». سبق ذلك، تقديم إخبار ضدّ حرفوش على خلفية مشاركته في رحلة إلى ليبيا شاركت فيها صحافية إسرائيلية. وإخبار آخر تقدّم به محامون وناشطون بجرم التعامل مع إسرائيل ودخول الكيان الصهيوني ولقاء مسؤولين إسرائيليين، وهو أمر موثّق في كتابٍ له أكّد فيه أنه التقى مسؤولين في كيان العدو للبحث في «إحلال السلام في الشرق الأوسط».
اشترى حرفوش من جمعية وهمية حقّ الكلام أمام مجلس حقوق الإنسان


ورغم أنه في العادة لا يُردّ في المجلس على كلمات المنظمات غير الحكومية، ولكنّ تمادي حرفوش في التضليل دفع رئيس بعثة لبنان الدائمة في مجلس حقوق الإنسان، أحمد سويدان، إلى إلقاء مداخلة رفض فيها «تجاوز حدود اللياقة ضد لبنان انطلاقاً من كراهيات شخصية»، مندداً بـ«التفسيرات الخطأ العشوائية لقوانين البلد الذي يعترف بالديانة اليهودية»، بعدما تقصّد حرفوش «الخلط بين اليهود، ولا يزال في لبنان عائلات يهودية تتمتع بالحقوق المدنية، وبين الصهاينة المصنفين في القوانين اللبنانية بوصفهم أعداء».
وسبق لرجل الأعمال أن صرّح لـ«الأخبار» بأنه لا يهتم لخلفية منظمي الندوات إن كانوا من داعمي إسرائيل. وقال في تصريحات أخرى: «لا أترك مكاني إذا عرّف أي شخص عن نفسه بصفته إسرائيليّاً، بل أتحدث معه عن حقوق اللّبنانيين وحقوق الفلسطينيين في لبنان».
ويشير رئيس مؤسسة «جوستيسيا» المحامي الدكتور بول مرقص إلى ثلاثة قوانين تجرّم التعامل مع إسرائيل: قانون العقوبات (المادة 273) وما يليها من المواد المتعلقة بالخيانة، و(المادة 285) وما يليها من المواد المتعلقة بالصلات غير المشروعة بالعدو. وقانون القضاء العسكري (المادة 135) وما يليها. وقانون مقاطعة إسرائيل الذي يحظر أي تعامل مهما كانت طبيعته مع إسرائيل، ويُحال المخالف إلى المحكمة العسكرية، وتصل العقوبات إلى السجن والإعدام.
كما أن للنيابات العامة إمكانية التحرّك من تلقاء نفسها حيال ما صرّح به حرفوش في أكثر من مناسبة، وهو ما لم يحدث لتاريخه.