في متابعة للمسؤولية الجنائية عن نقل الأمراض الجنسية (راجع «القوس»، 7 تشرين الأول 2023، «هل العدوى جريمة؟») تقتضي الإشارة إلى أهمية التحقيق الجنائي العلمي والتحقيق الشفّاف لتحديد المسؤولية لا سيّما في الحالة التي يكون فيها المصاب، ناقل العدوى، عالماً بإصابته واتخذ قرار المخاطرة بحياة شريكه، أو أنه تقصّد نقل العدوى لقتل الشريك عمداً.فالقانون اللبناني ينظّم مسألة الجرائم المضرّة بصحة الإنسان والحيوان في الفصل الثّالث من قانون العقوبات، إذ تتضمّن النبذة الأولى من هذا الفصل موضوع الأمراض الوبائية. وتفرّق المادة 604 بين قلّة الاحتراز والإهمال من جهة أو عدم العلم بالمرض من جهة ثانية أو العمد مع العلم بالمرض، أو القصد دون العمد. فمن يتسبّب بإصابة الغير بالعدوى مع علمه بالإصابة يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة في الحالة التي لا يكون قاصداً موت الشريك.
أما إذا كان قاصداً، فتكون العقوبة من عشرين سنة إلى خمسة وعشرين سنة إذا ارتكب فعل القتل أحد الزوجين ضد الآخر وفقاً لنصّ المادة 547 من قانون العقوبات. أما إذا ارتكب القتل القصدي عمداً فيعاقب بالإعدام على هذه الجريمة وفقاً للمادة 549 من القانون نفسه.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس النوّاب قد أصدر قراراً، أثناء جائحة كورونا، بتعديل المادة 604 من قانون العقوبات التي تتناول انتشار الأمراض الوبائية بموجب القانون الرقم 256/2022 تاريخ 5/1/2022، المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 13/1/2022، ليعاقب من خالف القرارات أو التعليمات الوقائية الصادرة عن السلطات المختصة والرامية إلى الحدّ من انتشار الأوبئة بغرامة تعادل نصف الحدّ الأدنى الرسمي للأجور، بعدما كانت غرامة مالية زهيدة، وتضاعف العقوبة في حالات التكرار. أما من تسبّب عن قلة احتراز أو إهمال أو عدم مراعاة للقوانين أو الأنظمة في انتشار مرض وبائي من أمراض الإنسان عوقب بالحبس حتى ستة أشهر. وفي حال أقدم الفاعل على فعله وهو عالم بالأمر من غير أن يقصد موت أحد عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة.