في قطاع غزّة اليوم أكثر من 12 ألف جريح.. آلاف الأطفال والنساء والشيوخ يتألّمون من جروح بليغة أحدثها القصف الإسرائيلي - الأميركي لمنازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم وكنائسهم. فبحجة «حق إسرائيل» بالدفاع عن نفسها، وقفت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وسائر دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا والهند صفّاً واحداً، لا لمنع وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية فحسب، بل للكذب والتضليل لإخفاء جرائم الإبادة وجرائم الحرب التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق البشر والحجر في قطاع غزّة المحاصر. وقد خرج عدد من المستشفيات في قطاع غزّة المحاصر عن الخدمة بشكل كامل منذ يوم أمس وتضرر 25 مستشفى. وبسبب منع وصول المحروقات لتشغيل مولدات الكهرباء لا شك أن المستشفيات ستدخل في ظلام دامس وستزهق أرواح آلاف الجرحى في العتمة.. إن الموقف الأوروبي - الأميركي - الكندي - الأسترالي - الهندي الذي يؤمّن تغطية سياسية وإعلامية لاستمرار القصف الإسرائيلي مند 14 يوماً على إحدى أكثر الأماكن المكتظة بالسكان في العالم يدلّ إلى سقوط بدعة القانون الدولي الإنساني.
سقطت اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب في مرأب المستشفى «المعمداني الأهلي» وانهار نظام روما الذي أنشأ محكمة جنائية دولية للنظر في «أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره» (المادة 5). إذ تبيّن أن «المجتمع الدولي بأسره» يقتصر على دول تستعيد إرثها التاريخي في استعمار الشعوب واغتصاب حقوقها وسلب مواردها.
مدير مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، جنوب قطاع غزة، إياد الجعبري قال إن مخزون الأدوية واللوازم الطبّية ينفد بسبب الحصار المحكم الذي يفرضه العدو الإسرائيلي على القطاع منذ 7 تشرين الأول الجاري. وأضاف الجعبري إن الوضع الصحي خطير للغاية، وحياة آلاف المرضى والجرحى مهددة، وهناك نقص كبير في الكوادر الطبّية.
إن الموقف الأوروبي الأميركي الكندي الأسترالي الهندي يؤمّن تغطية سياسية وإعلامية لاستمرار القصف الإسرائيلي


أما مدير مستشفى «الكويت التخصصي» في قطاع غزّة، صهيب الهمص فقال إن الوضع الصحي كارثي على مرأى ومسمع العالم، وحذّر من كارثة وشيكة، مؤكداً أن المنظومة الصحية متهاوية.
كما أعلن مدير مستشفى الشفاء في غزّة، محمد أبو سليمة، أن الأطبّاء والممرضين أجروا عمليات جراحية من دون تخدير للمصابين من قصف جيش الاحتلال على مستشفى المعمداني، مشيراً إلى أن وزارة الصحة الفلسطينية تُطبّق مبدأ المفاضلة في معالجة الجرحى لكثرة أعدادهم.

في القانون الدولي
يرتكب الجيش الإسرائيلي، بدعم من شركائه، أربع جرائم أساسية تشكل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، هي: جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان.
نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يعرّف جريمة الإبادة الجماعية بأنها:
أي فعل «يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكاً كلياً أو جزئياً» (المادة 6) وفي هذه الحالة إن الجماعة المقصودة هي أكثر من مليوني فلسطيني مقيم في قطاع غزّة المحاصر.
ويعرّف الجرائم ضد الإنسانية بأنها:
الارتكابات الجرمية «في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين» (المادة 7).
أما جرائم الحرب فيعرّفها بأنها:
الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني (اتفاقيات جنيف) «عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم» (المادة 8).
ان الأساس الذي يستند إليه القانون الدولي الإنساني هو مبدأ حماية المدنيين أثناء الحروب. و«لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات» (المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة) والمادة 19 لحماية المستشفيات والمادة 20 لحماية الطواقم الطبّية.. وعدد كبير من المواد والقوانين والصكوك الدولية التي باتت كلاماً فارغاً وشعارات غربية رنّانة وحبراً على ورق في وسط انخراط «المجتمع الدولي» في حرب وحشية لتصفية شعب محاصر في غزّة.