في متابعة لوجوب التحقيق في جميع انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي فورا، تورد القوس موجز عن أهم ما ورد في تقرير بعثة تقصي الحقائق في العام 2008 وأهمية دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اتفاقيات جنيف :
في العام 2008 تم ارسال بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة وكانت ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة هي "التحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ربما تكون قد ارتكبت في أي وقت في سياق العمليات العسكرية التي جرت في قطاع غزة خلال الفترة من 27 كانون الأول 2008 و 18 كانون الثاني 2009 ، إما قبل ، أو خلال أو بعد".
وقد أنجزت اللجنة تقريرها وأكدت حصول الانتهاكات وفي تقريرها الصادر عام 2008 أوردت البعثة :

• وجدت البعثة أن إسرائيل استخدمت القذائف المسمارية والفوسفور الأبيض والأسلحة المعدنية الثقيلة. إن استعمال القذائف المسمارية والفوسفور الأبيض والمعادن الثقيلة (مثل التنجستن) هو أمر مقيد أو حتى محظور في ظروف معينة. إن القذائف المسمارية ، كسلاح منطقة، غير صالحة للاستخدام على الأخص في المناطق المأهولة بالسكان في حين ترى البعثة أن استخدام الفوسفور الأبيض للتمويه ينبغي حظره على الإطلاق. حققت البعثة أيضا في حوادث عدة استخدمت فيها القوات المسلحة الإسرائيلية السكان المحليين الفلسطينيين كدروع بشرية. إن استجواب المدنيين الفلسطينيين تحت التهديد بالموت أو الإصابة من قبل إسرائيل لانتزاع المعلومات هو خرق لاتفاقية جنيف الرابعة. لقد اعتقلت واحتجزت القوات الإسرائيلية في قطاع غزة مجموعات كبيرة من الأشخاص المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. إن الضرب المبرح ، والمعاملة المهينة والمذلة ، والاحتجاز في ظروف كريهة والتي عانى منها الأفراد في قطاع غزة الواقع تحت سيطرة القوات الإسرائيلية كما ومن خلال الاعتقال في إسرائيل ، كل هذه الأمور تشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.



• إن حالة الإفلات من العقاب لفترات طويلة قد تسبب في أزمة عدالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وهذا أمر أضحى الردُّ عليه حَرِيًّا بالفعل. إن نظام دولة إسرائيل فيما يتعلق بالتحقيق والملاحقة القضائية لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني ، ولا سيّما ملاحقة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، هو نظام ذو عيوب هيكلية رئيسية تجعل منه نظاما لا يتفق مع المعايير الدولية. التحقيقات القليلة التي أجرتها السلطات الإسرائيلية فيما يتعلق بالانتهاكات الخطيرة المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وبوجه خاص، في جرائم حرب مزعومة، تفتقر إلى المصداقية المطلوبة وفقا للمعايير الدولية. وثمة احتمال ضئيل للمساءلة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان من خلال المؤسسات المحلية في إسرائيل.

• إن الحواجز الإسرائيلية في كثير من الأحيان هي مواقع للإذلال. إن التدمير الواسع للممتلكات والاستيلاء عليها، بما في ذلك مصادرة الأراضي وهدم المنازل في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية)، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات عسكرية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة يشكل مخالفة جسيمة لاتفاقيات جنيف. إن الاستمرار في بناء المستوطنات يشكل انتهاكا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. وبالأخذ بعين الاعتبار القيود على الحركة والتنقل ، والمستوطنات وبنيتها التحتية ، والسياسات السكانية بخصوص القدس والمنطقة Cمن الضفة الغربية ، فضلا عن فصل غزة عن الضفة الغربية ، ومنع نشأة وإقامة دولة قابلة للحياة ذات السيادة الفلسطينية ومتواصلة جغرافيا ، كل ذلك يشكل انتهاكا للقواعد القطعية Jus Cogens في الحق في تقرير المصير.

• الممارسات الإسرائيلية المتمثلة في احتجاز الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية قبل وأثناء العمليات العسكرية تتعارض بشكل عام مع متطلبات حقوق الإنسان. ممارسة الاعتقال الإداري من جانب إسرائيل يتعارض مع الحق في عدم التعرض للاعتقال التعسفي، واستخدام إسرائيل للأدلة السرية كأساس للاحتجاز الإداري يتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

• هناك أدلة قوية على أن القوات الإسرائيلية في قطاع غزة ارتكبت مخالفات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، بما في ذلك : القتل العمد ، والتعذيب أو المعاملة اللا إنسانية ، تعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة ، والتدمير الواسع للممتلكات. وبما أنّها مخالفات جسيمة ، فإن هذه الأفعال تؤدي إلى المسؤولية الجنائية الفردية. واستخدام الدروع البشرية أيضا يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. الأفعال الإسرائيلية التي تحرم الفلسطينيين في قطاع غزة من وسائل عيشهم ، والعمالة ، والإسكان والمياه ، والتي تنكر حقهم في حرية التنقل ، وحقهم في مغادرة ودخول بلدهم ، التي تحد من حقهم في الوصول إلى محاكم تقوم على أسس قانونية تتحلى بوسائل انتصاف فعالة ، كل هذه الأمور يمكن أن تؤدي إلى أن تخلص محكمة ذات اختصاص إلا أن ثمة جريمة اضطهاد - وهي جريمة ضد الإنسانية ، قد ارتكبت.

• أما في الضفة الغربية، ومع ازدياد أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين، فشلت إسرائيل في حماية الفلسطينيين، وأحيانا أذعنت إلى أعمال العنف هذه. إسرائيل استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين الفلسطينيين ، بما في ذلك استخدام الأسلحة النارية ، والذخيرة الحية ، واستخدام نار القناصة، مما أدى إلى وفاة متظاهرين ، في انتهاك للقانون الدولي. إن قوات الأمن الأسرائيله تنتهج "تعليمات لإطلاق النار" للتعامل مع المظاهرات تقوم على أساس تمييزي ، بناء على وجود أشخاص ذوي جنسية معينة بين المتظاهرين ، انتهاكا لمبدأ عدم التفرقة في القانون الدولي. إسرائيل فشلت في التحقيق ومقاضاة الأفعال التي تنطوي على انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان والتي ارتكبها وكلاؤها أو ارتكبتها أطراف ثالثة. إن إزالة إسرائيل للحق السكني من الفلسطينيين يمكن أن يؤدي إلى الإبعاد ويحمل في طياته انتهاكات إضافية لحقوق أخرى.

• إن حصار إسرائيل لقطاع غزة يشكل انتهاكا لالتزاماتها كدولة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. الإجراءات المتعمدة للقوات الإسرائيلية والسياسات المعلنة للحكومة تشير إلى نية لفرض عقاب جماعي على شعب قطاع غزة. إسرائيل أخلت بواجبها الذي يحتم عليها السماح بحرية مرور جميع رسالات الأدوية والمهمات الطبية وأدوات المستشفيات ، والأغذية والملابس التي كانت هناك حاجة ماسة إليها لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان المدنيين.

الرابط

ما هو دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اتفاقيات جنيف؟
تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تأسست في العام 1863، القوة المحركة لتطور القانون الدولي الإنساني. فقد أطلقت اللجنة الدولية العملية التي أدّت إلى عقد اتفاقيات جنيف لحماية ضحايا الحرب للعام 1864، و1906، و1929، و1949. وكانت هذه اللجنة وراء وضع اتفاقية لاهاي الثالثة للعام 1899، واتفاقية لاهاي العاشرة للعام 1907 اللتين أفادتا، وعلى التوالي، من اتفاقيتي جنيف للعامين 1864 و1906 لوضع قواعد الحرب البحرية، واللتين مهّدتا السبيل لاتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار للعام 1949. كما قامت اللجنة الدولية بمبادرة من أجل تكملة اتفاقيات جنيف أدّت إلى اعتماد البروتوكولين الإضافيين للعام 1977. كذلك شجعت اللجنة الدولية على تطوير القانون، وشاركت في المفاوضات حول العديد من المعاهدات الأخرى، كاتفاقية العام 1980 بشأن أسلحة تقليدية معيّنة، واتفاقية أوتاوا لحظر الألغام المضادة للأفراد للعام 1997، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية للعام 1998. وينعكس الإقرار بهذا الدور في التفويض الذي أوكله المجتمع الدولي إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر للعمل من أجل "التطبيق الأمين للقانون الدولي الإنساني المنطبق في النزاعات المسلحة" و"فهم القانون الدولي الإنساني المنطبق في النزاعات المسلحة ونشر المعرفة به، وإعداد أيّ تطوير لهذا القانون".
في العام 1995 عقدت مجموعة الخبراء الحكوميين لحماية ضحايا الحرب اجتماعاً في جنيف في كانون الثاني 1995، واعتمدت سلسلة من التوصيات الهادفة إلى تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني، وبشكل خاص عبر استخدام إجراءات وقائية تؤمّن معرفة أفضل بالقانون، وتنفيذاً أكثر فعالية له. واقترحت التوصية الثانية لمجموعة الخبراء الحكوميين:
دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إعداد تقرير بشأن القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني المنطبق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وذلك بمساعدة خبراء في القانون الدولي الإنساني يمثلون شتى المناطق الجغرافية والأنظمة القانونية المختلفة، وبمشاورات مع خبراء من حكومات ومنظمات دولية؛ وتعميم هذا التقرير على الدول والهيئات الدولية المختصة وتم تفويض اللجنة الدولية للصليب الأحمر رسمياً إعداد تقرير بشأن القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني المنطبق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.