بِعيدان خشبية، يقلّب خالد الأعشاب البرية في موقد الحطب الذي يطهو فوقه، في ظلال زريبة مهجورة قبالة مركز الوحدة الغانية التابعة لـ«اليونيفل» عند مدخل بلدة الضهيرة (قضاء صور). يجمع مع شبان ورعاة من بلدته «السليق» وما تيسّر من الخُضر من الحقول القريبة، ويتوزّعون في النوم بين الزريبة وعدد من السيارات منذ أسابيع، بعدما تركوا بيوتهم في البلدة عقب اشتداد قصف العدو الإسرائيلي. بعدما رفض الجنود الدوليون استقبالهم داخل المركز، أقاموا في محيطه باعتباره مكاناً «آمناً» رغم التاريخ الدموي للعدو في التعامل مع مركز قوات حفظ السلام في قانا وغيرها. أخرج هؤلاء عائلاتهم من البلدة وبقوا تحت الخطر ليرعوا «الرزق» والمواشي وتفقّد منازل البلدة وتلبية احتياجات من بقي فيها. ولأنهم لم يحظوا بحصص تموينية، اضطروا لتدبّر أمورهم المعيشية اليومية «بطريقة بدائية أعادتنا مئة سنة إلى الوراء. نجمع من الطبيعة مكوّنات الطعام ونطبخه على الحطب ونملأ المياه بالدلو وننام في الزرائب بجوار المواشي».أحد الشبان، بسام سويد، قال لـ«الأخبار» إن الجنود الغانيين «لم يجرؤوا على منعنا من الإقامة عند مدخل مركزهم لأن النقمة عارمة من أهالي الضهيرة عليهم وعلى اليونيفل لرفضهم حماية المدنيين». لذلك، استغل سويد ورفاقه غضّ النظر الغاني وفرشوا كراسيهم ونراجيلهم أمام المركز حيث يمضون الوقت في رعي مواشيهم ومواشي بعض من نزحوا، وعدّ القذائف التي تطلقها المواقع الإسرائيلية المقابلة. ويأمل سويد أن «تنتهي الحرب قبل هطول المطر، لتعود المواشي النازحة إلى زرائبها». ليست كل المواشي هي للنازحين المقيمين هنا، بل بعضها يعود إلى جيران وأقرباء من الضهيرة وجاراتها، نزحوا إلى المدن ولم يكن باستطاعتهم نقل مواشيهم معهم.