منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» التي شنّتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بقيادة حركة «حماس»، رداً على السياسات الإسرائيلية التعسّفية وإجراءات الاحتلال وانتهاكاته لأرض فلسطين ومقدّساتها واعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، يسعى الاحتلال الإسرائيلي مع حلفائه الغربيّين إلى نزع الشرعية عن المقاومة وإضفاء صفة الإرهاب عليها، في محاولة لتبرير ما يرتكبه الإسرائيليون من مجازر في غزة بحق المدنيّين، ولحجب أنظار العالم عن تلك الجرائم وعدِّها مشروعة ومحقّة وسط الإرهاب المزعوم.فالجلّاد هنا يلعب دور الضحية بأسلوب ماكر خبيث، ويرتكب المحتلّ الغاصب أبشع الجرائم ضدّ الشعب الفلسطيني ويخالف القوانين والأعراف الدولية كلها، فيقتل المدنيّين ويعتقل المئات وينتهك المقدّسات، ويتنصّل من التزاماته الدولية واتفاقيّاته التي أبرمها مع الفلسطينيين، تحت نظر المجتمع الدولي الذي يلجأ إلى شيطنة المقاومة والتشكيك في شرعيّتها انطلاقاً من قواعد القانون الدولي.
ولدحض هذه المزاعم، لا بدّ من التذكير بالمواثيق والقرارات الدولية كلها التي تكفل شرعية المقاومة الفلسطينية وفقاً للقانون الدولي .
نصّ ميثاق الأمم المتحدة على مشروعية حقّ الدفاع عن النفس، كما نصّت المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في 26/8/1789 على أنّ «مقاومة القمع هي حقّ أساسي».
كما نصّ القرار الدولي رقم 1514 تاريخ 14/12/1960 والقرار الدولي رقم 2625 تاريخ 24/10/1970 والقرار رقم 2649 الصادر عام 1970، على حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، وعلى إدانة الإنكار لحقّ تقرير المصير، وخصوصاً لشعوب جنوب أفريقيا وفلسطين. وقد أكّدت الجمعية العمومية مراراً وتكراراً على شرعية نضال الشعوب بأي وسيلة في متناولها.
وأكّدت الجمعية العامة للأمم المتحدة على شرعيّة المقاومة المسلّحة الفلسطينية في قرارها الصادر في تاريخ 4/12/1986، إذ نصّ على شرعية كفاح الشعوب من أجل استقلالها والتحرّر من السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بالوسائل المتاحة كافّة، بما في ذلك الكفاح المسلّح.
أمّا القرار الأممي 3236 الصادر في تاريخ 22/11/1974، فقد نصّ على أنّ الأمم المتّحدة تعترف بحقّ الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بالوسائل كلّها وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتّحدة ومبادئه، وتناشد الدول والمنظّمات الدولية جميعها أن تمدّ بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه وفقاً للميثاق.
وفي السياق نفسه، أكّدت كلٌّ من اتّفاقية لاهاي واتّفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب، شرعيّةَ حمل السلاح لمقاومة المحتل. كما أضفت اتفاقية جنيف صفة «أسرى الحرب» على أعضاء حركات المقاومة المنظّمة التي تعمل داخل أرضها أو خارجها، حتى لو كانت هذه الأرض واقعة تحت الاحتلال، وذلك بشروط، أوّلها أن يكون لهم رئيس مسؤول، أن يحملوا السلاح علناً، أن يحملوا علامة مميّزة ظاهرة وأن يلتزموا في نضالهم بقوانين الحرب، وهي كلها شروط تنطبق على المقاومة الفلسطينية.
تركيز وسائل الإعلام على بعض التجاوزات التي حدثت أثناء دخول المقاومة الفلسطينية إلى غلاف غزة للتوصّل إلى عدِّها منظّمة إرهابية، لا تستوي مع جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، الذي يقتل يومياً المدنيّين بالطائرات الحربية والقصف الصاروخي والقنابل الفوسفورية، إضافة إلى قصفه المستشفيات والكنائس والمدارس وسيارات الإسعاف ومراكز تجمّع الصحافيّين.
انطلاقاً ممّا تقدّم، إنّ شرعية المقاومة الفلسطينية ثابتة قانونيّاً، فهي وُجدت لرفع الاحتلال ونصرة الشعب الفلسطيني الذي وجد نفسه وحيداً يتعرّض للظلم أمام مجتمع دوليّ داعم للمحتل على حساب أصحاب الأرض وأمام الموقف الضعيف للسلطة الفلسطينية، لم يبقَ إلّا المقاومة المسلّحة لمناهضة الظلم.
هذه الحقيقة لم يتمكّن الإسرائيلي وحلفاؤه من إخفائها، وساعدت ثورة التكنولوجيا وسرعة الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي في إظهار الصورة الحقيقية وتعريف العالم مجدداً بالقضية الفلسطينية بوصفها آخر قضية كولونيالية في العالم، وبالفلسطينيّين بوصفهم آخر الشعوب التي تقاتل من أجل الحريّة.