الى زملائي في مستشفيات غزة أتابع اخباركم في مستشفى الشفاء وفي سائر مستشفيات غزة المحاصرة لحظة بلحظة، ولا اجد الكلمات المناسبة لأتوجه اليكم. ليتني معكم والى جانبكم. ليتني لم ابلغ سن التقاعد ولا أعاني من ضعف في النظر. ليتني ما زلت قادرة على العمل، لكنت انتقلت فوراً الى غرف العناية في الشفاء او القدس، او أي مستشفى في غزة، لأساهم في علاج الأطفال والعناية بالخدّج. ليتني معكم لأساند جهودكم الجبارة وأخفف من آلامكم. ليتني معكم في سعيكم الدائم للحفاظ على الحياة ولتخفيف الوجع ولطمأنة الأمهات ومواساة الثكالى.
في العام 1978، انتقلت من مستشفى الناصرة في بئر حسن الى مستشفى غزة في صبرا حيث توليت قسم الأطفال الرضّع والخدّج حتى وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982. أمس، عندما شاهدت عبر التلفزيون الجنود الإسرائيليين في باحة مستشفى الشفاء، خفت على الأطفال والجرحى والأطباء والممرضين فيها. تذكرت صبرا وشاتيلا. كيف يمكن ان يعيد التاريخ نفسه؟ كيف يمكن ان يتحمّل الناس ظلماً مضاعفاً بعد كل ما مرّ عليهم من ويلات؟
أمسح الدمع لأصغي الى الزميل الدكتور غسان أبو ستة الصامد في المستشفى والمثابر لإنقاذ الجرحى والمتألمين. لا كهرباء ولا ماء ولا دواء، والقصف لا يتوقف على المستشفيات والاسعافات والطواقم الطبية.
ليتني كنت معكم لأضم كلّ أطفال غزة لحمايتهم من الحرب والنار والخراب.
ليتني في غزّة ... وغزة لم تعد مكاناً أو بلداً. غزة معيار الإنسانية والحق.

الدكتورة فالي غروته مرهج
المديرة السابقة لقسم الأطفال والخدّج في مستشفى غزة - بيروت