وفي آب 2022، وحسب ما خطّه سلامة بيده، كان مقرّراً دفع المليون الأول إضافة إلى 350 ألف دولار لقاء وعود بضبط ووقف أي إجراءات بحقه في لبنان أو فرنسا، وبأي وسيلة كانت سواء عبر المحكمة أو بإجراءات قانونية أو أي معلومات «تضرّ قضيتنا». وبعد شهر، في 11 أيلول 2022، بحسب ما أبلغت الحويك المحقّقين، كان يُفترض البدء في تنفيذ اتفاق مدته 6 أشهر، ينصّ على دفع مليونَي دولار شهرياً بتاريخ 15 من كل شهر. وفي 15 أيلول وُضع الاتفاق على سكة التنفيذ وتمّ تسديد الدفعة الأولى إضافة إلى 600 ألف دولار كرسوم متنوّعة. وقدّر المحققون أن إجمالي المبلغ المرصود لهذه المهمة يبلغ 20.45 مليون دولار. وبحسب الحويك، بدأ العمل بالمخطط في 14 كانون الأول 2021 خلال غداء مع مجموعة تم تحديد أعضائها وفقاً لأسمائهم الصغيرة: أوليفييه وكريستوف ولوران، فضلاً عن تورّط وسيطين هما W وH. وقسّمت الحويك محاور المهمة ضمن مذكّرة تحمل تاريخ 9 أيلول 2022: المحور الأول يقضي بتغيير القاضية عبر ترقيتها على أن يتم تعيين قاضٍ جديد في تشرين الأول ويتم الإعلان عن اسمه قبل 15 يوماً من تعيينه. فيما يلحظ المحور الثاني إجراء تغيير في أوليات الجهاز القضائي الفرنسي، ليأتي تخريب الملف في المحور الثالث عبر الطعن في صدقية المسار المتّبع قضائياً والإضاءة على عيوب شكلية في المعالجة. وذلك يستلزم شنّ المحامي الخاص بسلامة هجوماً على النهج المعتمد بالشكل وليس بالمضمون، ثم الانطلاق إلى إضعاف الدعوى المقدّمة من منظمة «شيربا». ويتركّز المحور الرابع على سحب الترخيص المعطى للمنظمة رغم أن «إجراء مماثلاً معقّدٌ لكنه حصل سابقاً».
مخطط «مخابراتي» لتعيين بديل لبوروزي وسحب ترخيص جمعية «شيربا»
واللافت أن الحويك، خلال الاستماع لها في 30 حزيران من قبل القاضيتين أود بوروزي وكليمانس أوليفييه، لم تتعرف سوى إلى أحد الوسطاء ويدعى «W»، قبل أن تزعم أنه الوزير السابق وئام وهاب. وقالت إن الأخير بادر بنفسه إلى الاتصال بسلامة عارضاً عليه مساعدته في فرنسا لتخفيف الهجوم القضائي والسياسي عليه قائلاً له: «لديّ علاقاتي هناك». وطلب سلامة من الحويك، وفق إفادتها، التواصل مع وهاب لمعرفة ما يريد. وأضافت أنها تلقّت أكثر من اتصال من وهاب، أثناء وجودها في باريس بين آذار وكانون الأول 2022، وأنها كانت تعمد إلى تسجيل كل ما يقوله، بما في ذلك خارطة الطريق التي وضعها للحاكم محدّداً المبالغ التي يفترض دفعها، «لكنّ الأمر اقتصر عند هذا الحد»، كما قالت. وأضافت أنها كانت بمثابة وسيط بين وهاب والحاكم وتنقل إلى الأخير ما يقوله الأول «حرفياً»، لافتة إلى أنها أبلغت سلامة أن عرض وهاب مجرد «هراء». لكنّ الملاحظات المكتوبة بخط الحويك والمستندات التي عُثر عليها تناقض أقوالها، وفقاً لما خلصت إليه بوروزي وأوليفييه، لأنها سجّلت مبالغ مالية بقيمة 5 ملايين دولار، وكتبت إلى جانبها «مدفوعة حتى الآن».
وفي السياق نفسه، رُصدت مراسلات نصية بين سلامة ورئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين الذي سبق أن أوقف في باريس، إحداها بتاريخ 13 أيلول يعرب فيها سلامة عن قلقه من نقل الوثائق القضائية الفرنسية إلى بيروت، وتحديداً ملف من 30 صفحة كان قد وصل إلى وزارة العدل اللبنانية التي حوّلته إلى القاضي غسان عويدات. وسأل سلامة: «أين الوعود بمنع وصول الملفات إلى لبنان؟»، فردّ خير الدين بعد تواصله مع وهاب بأن «كل شيء تحت السيطرة». وقال خير الدين أمام القضاء الفرنسي إن غرض وهاب تمحور فقط حول تقاضي الأموال لا أكثر، وهو من بادر إلى الاتصال بالحاكم لعرض خدماته. وأبلغ القاضية بأن كل المراسلات بينه وبين الحاكم كانت في إطار نقل ما يقوله وهاب له، ناصحاً إياه بعدم إعارته أي اهتمام لأنه غير قادر على فعل أي شيء.
«ميديابارت» اتصلت بوهاب لسؤاله عن الموضوع فنفى أي علاقة له بما سبق مشيراً إلى أنه نصح سلامة بتغيير مكتب المحاماة واستبداله بمكتب أقوى. ووصف «الحكاية» بأنها «فيلم هندي»، نافياً أن يكون قد التقى الحويك سابقاً.