منذ رسمها، لا تغيب راية فلسطين عن العرقوب. مجاورة بلداته للجولان وفلسطين، جعلتها تنذر أبناءها وأرضها ومنازلها لمقارعة الاحتلال الإسرائيلي. الأخت الكبرى كفرشوبا، صارت أمّاً لمئة شهيد، كان أولهم عام 1937 في مواجهة عصابات «الهاغاناه» في الجليل، وآخرهم أمس؛ نابغ القادري «على طريق القدس». وما بينهما العشرات الذين استشهدوا «على طريق البرتقال»، كما كان الشعار الذي رفعته فصائل المقاومة الفلسطينية والوطنية منذ نهاية الستينيات.

جدّدت كفرشوبا موعدها مع العدوان الصهيوني في كانون الثاني. في ذلك الشهر من عام 1975، انتقمت إسرائيل من الفدائيين الفلسطينيين وأهالي البلدة الذين تصدوا لمحاولة احتلالها. فدمّرت الطائرات كفرشوبا بالكامل وهجّرت جميع أبنائها. وليل الثلاثاء الماضي، انتقمت من نابغ القادري، فاغتالته بغارة دمّرت منزلاً كان يقيم فيه في وسط البلدة بعد قصف منزله في بداية العدوان المستمر. «أبو علي» الملتزم في «المقاومة الإسلامية» منذ التحرير والأب لأربعة أولاد، سليل أحمد القادري الذي لم تبدّد سنواته التسعون عقيدته المناصرة للقضية الفلسطينية. أمس، في ساحة البلدة، ورغم الطقس العاصف، ارتفعت رايات لبنان وفلسطين وحزب الله و«السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال» حول نعش القادري، الذي سُجّي في ساحة المدرسة. وفوقه، ارتمت بناته وهنّ يصدحن: «هنيئاً لك يا بابا»، وبجانبهن والده «أبو علي»، الذي اتّكأ على عصاه ومسح دموعه بعقاله. وفي كلمته التأبينية، قال النائب علي فياض: «إننا نحزن على ابن كفرشوبا التي بات اسمها ملازماً للمقاومة في العرقوب على مدى تاريخها ونفتقد الوحدوي الذي صهر في شخصيته أي حساسيات مذهبية صغيرة».
على تلة أخرى، لم تكن كفركلا أمس أقلّ حزناً. بالتزامن، شيّع أهلها الشهيد حسن طويل الذي قضى بقصف مدفعي استهدف منزله في هورة بين كفركلا ودير ميماس، عصر الأربعاء الماضي. واستعرض إمام البلدة، السيد عباس فضل الله، رفض طويل طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، النزوح وإقفال «الكاراج» الذي يملكه لتصليح السيارات. فكان ينبري لتصليح السيارات والآليات المعطّلة، ولا سيما للمقاومين، مجاناً. وكان يوثّق القصف والغارات اليومية على البلدة. وجزم أقرباء طويل بأن إسرائيل اغتالته عمداً لـ«أنها تعلم أن المدنيين الصامدين لا يقلّون شأناً عن المقاومين بالسلاح».