بعد نحو ثلاثة أسابيع على زيارة الحاكم بالإنابة وسيم منصوري للولايات المتحدة الأميركية وعقد لقاءات في وزارة الخزانة، أتى وفد من وزارة الخزانة إلى بيروت وأجرى لقاءات عدّة، أبرزها اللقاء مع منصوري. تقول مصادر مطّلعة، إن اللقاء أخذ طابعاً تقنياً، بمعنى أنه تعليمات أو توجيهات لمصرف لبنان لاتخاذ إجراءات تقنية بعنوان عام هو «منع اقتصاد الكاش»، إنما الهدف الأساسي منه آليات التمويل الخاصة بحماس التي انتقلت إلى لبنان بحسب ما يعتقده الأميركيون.نقلت وكالة «المركزية»، أن اللقاء بين منصوري ووفد الخزانة، انتهى إلى عقد اتفاق لتسريع ما يُسمّى «إصلاحات» تسهم في إعادة هيكلة القطاع المصرفي باعتباره القطاع الذي يمكن أن يضبط عمليات مكافحة تبييض الأموال والإرهاب وتخفيف حجم الاقتصاد النقدي الذي تجاوز 50% من الاقتصاد. كما أن الوفد أبدى قلقه من عدم قدرة السلطات في لبنان على مكافحة الاقتصاد النقدي، وأن استمرار ذلك يؤدّي إلى وضع لبنان على اللائحة الرمادية وعزله مالياً ومصرفياً عالمياً، بعدما أعطت مجموعة العمل الدولية مهلة لتطبيق بعض الإجراءات التي تمنع زيادة حجم الاقتصاد النقدي، خصوصاً أن لبنان وعد المجموعة بتطبيق هذه الإجراءات وحصل في المقابل على مهلة حتى أيار لإثبات جديّته في التعامل مع هذه المسألة.
لكنّ مصادر خاصة، قالت لـ«الأخبار»، إن كل الحديث بشأن مكافحة تمويل الإرهاب في إطار تقليص اقتصاد الكاش، تمحور حول ثلاثة عناوين أساسية:
- البحث عن تمويلات حماس التي يعتقد الأميركيون بأن لبنان سيصبح في الفترة المقبلة مركزاً أساسياً لها. وفي هذا الصدد، طلب الوفد التشدّد في التعامل مع شركات تحويل الأموال سواء تلك العاملة بالوسائل الإلكترونية أو عبر منصات خاصة أو بالطرق الكلاسيكية، ومع مجموعة من الصرافين والمصارف. كما طلب الوفد اتخاذ إجراءات عملانية لتشديد الرقابة على التحويلات، سواء مرّت عبر شركات تحويل الأموال أو عبر المصارف. والوفد كان قد أجرى زيارة لتركيا حيث ناقش مسائل مماثلة لكنه لم يتلقَّ وعوداً وخضوعاً كالتي تلقّاها في لبنان.
- طلب الوفد اتخاذ إجراءات جديّة تؤدي إلى مساعدة المصارف على استعادة جزء من عملها في السوق وتمكينها من إصدار بطاقات مصرفية على أساس الدولار الفريش. يُدرك الأميركيون أن تنفيذ هذا الطلب يتم في ظروف بالغة التعقيد ولا سيما أن المصارف في لبنان مفلسة وأنها ليست قادرة على استعادة حصّة أساسية من السوق، إنما هم يدفعون في هذا الاتجاه ظنّاً منهم بأن التخفيف من اقتصاد الكاش يتيح لهم كبح عمليات تمويل حماس وحزب الله.
- استطلع وفد وزارة الخزانة الأميركية رصيد القروض لدى القرض الحسن، باعتباره جزءاً أساسياً مما يطلقون عليه اقتصاد الكاش الذي يُستخدم لتمويل بيئة حزب الله وحماس.
يعتقد المطّلعون، أن تصويب العين الأميركية على اقتصاد الكاش بدأ منذ أن أصدر البنك الدولي تقريراً عن حجم التداولات النقدية، فأشار إلى أنه في عام 2020 بلغت قيمة التداولات النقدية نحو 4.5 مليارات دولار أو ما يوازي 14.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي السنة التالية بلغت قيمة التداولات نحو 6 مليارات دولار أو ما يوازي 26.2% من الناتج، وفي عام 2022 بلغت قيمتها 9.86 مليارات دولار أو ما يوازي 45.7% من الناتج.