ليل 13-14 نيسان/أبريل، نفّذت إيران هجومًا على إسرائيل، ردًّا على قتلها عناصر رفيعي المستوى في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. ووفقا لتصريحات مسؤولي الكيان الصهيوني في سياق تبرير هجومه العسكري على القنصلية الإيرانية في دمشق في 1 نيسان/ ابريل، فإن من «كانوا في القنصلية المستهدفة ضالعون في الإرهاب ضد إسرائيل». تعمل الجمهورية الإسلامية في ايران وفق مبادئها الدستورية - العقائدية، ويأتي دعمها للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني تطبيقا للدستور الإيراني الذي ينص في الفقرة 16 من المادة الثالثة على «تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية، والالتزام الأخوي تجاه جميع المسلمين، والدعم غير المحدود لمستضعفي العالم ». وفي الفصل العاشر المتعلق بالسياسة الخارجية، تنص المادة 154 على أهداف السياسة الخارجية التي «… تعتبر أن الاستقلال والحرية وحكومة الحق والعدل من حق جميع شعوب العالم، ولهذا فإنها في الوقت الذي تمتنع عن أي تدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى، تدعم النضال المحقّ للمستضعفين تجاه المستكبرين في أي نقطة من العالم». وبناء عليه، من كانوا في القنصلية الإيرانية ليسوا ارهابيين بل أعضاء في فيلق القدس. وسياسة إيران الخارجية تجاه المقاومة وحركات التحرر الوطني تتفق تماما مع ميثاق الأمم المتحدة الذي تنص مادته الأولى، في فقرتها الثانية، على أن من مقاصد الأمم المتحدة «إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها» (المادة 55). كما ان دعم المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي العسكري يتفق تماما مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2649 لعام 1970 الذي يؤكد على شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأي وسيلة في متناولها. ويُعترف لتلك للشعوب في ممارستها الشرعية لحقها في تقرير المصير، بالبحث عن كل أنواع المعونة المعنوية والمادية وتلقيها، بموجب قرارات الأمم المتحدة وروح ميثاق الأمم المتحدة. ودعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي يتفق مع مبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي أكد على مبدأ تقرير المصير للشعوب وحقها في الحصول على الدعم بشتى أنواعه.
من جهة أخرى، وردا على ادعاءات الكيان الصهيوني، فإن المبدأ العام في القانون الدولي هو أن للدول اتخاذ التدابير الضرورية لحماية امنها والقضاء على الإرهاب على ان تجري هذه التدابير في ظل الاحترام التام لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة (قرار مجلس الأمن 1456/ 2003)

الرد الإيراني التزم بمعايير الاعمال الانتقامية
الأعمال الانتقامية وفقا للقانون الدولي تنفذها دولة ما ردا على أفعال غير مشروعة ترتكبها دولة أخرى ضدها وتهدف إلى إجبار تلك الدولة على الامتثال للقانون. ويمكن أيضا تنفيذ الأعمال الانتقامية ردًا على الهجوم. ولكي تعتبر الأعمال الانتقامية مشروعة، فهي مقيدة بـ: (أ) المبدأ الذي بموجبه يجب أن تكون الملاذ الأخير في محاولة فرض امتثال الخصم للمعايير القانونية مما يستلزم عدم ممارستها إلا بعد تقديم تحذير مسبق فشل في وقف جرائم الخصم؛ (ب) الالتزام باتخاذ احتياطات خاصة قبل تنفيذها (لا يجوز اتخاذها إلا بعد اتخاذ قرار بهذا الشأن على أعلى مستوى سياسي أو عسكري)؛ (ج) مبدأ التناسب (الذي لا يعني فقط أن الأعمال الانتقامية يجب ألا تكون مفرطة مقارنة بالعمل الحربي غير القانوني السابق، ولكن يجب أيضًا أن تتوقف بمجرد توقف هذا العمل غير القانوني؛ و(د) الاعتبارات الإنسانية الأولية.
وفي الرد على قصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق التزمت الجمهورية الاسلامية في إيران بمقتضيات حق الرد على العدوان التي تعرضت له في دمشق.
• الرد على عمل غير قانوني: لا تكون التدابير المضادة مشروعة إلا «ضد الدولة المسؤولة عن فعل غير مشروع دولياً».
انتهكت إسرائيل سيادة سوريا التي تستضيف البعثات الدبلوماسية فوق إقليمها بقصفها لمبنى القنصلية الإيرانية، وانتهكت أيضا السيادة الإيرانية لكون مبنى القنصلية جزءاً من إقليم الدولة الممثلة، على نحو مخالف للمادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أنه «يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الاراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الامم المتحدة»، كذلك انتهكت إسرائيل الاتفاقيات الدبلوماسية والقنصلية، وتحديدا اتفاقية فيينا لعامي 1961 و1963. ويعتبر الهجوم أيضا مثالا لجريمة العدوان الدولية وفقا للمادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
• استهداف قواعد عسكرية
التزمت إيران تمامًا بما يقتضيه الرد المشروع على العدوان، واختارت أهداف العدو العسكرية للهجوم. ولم تستهدف مدنيين وحصرت الرد بالقاعدة الجوية لطائرات إف-35 ومراكز الاستخبارات المستخدمة في الهجوم على قنصليتها في دمشق.
• الرد العسكري هو الملاذ الأخير:
وفي إشارة إلى دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في منع التوتر في المنطقة، ورغم صدور بيان صحافي عن الأمين العام للأمم المتحدة يدين الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية، إلا أن الإدانة لم تصدر عن الجهاز الأممي المسؤول عن حفظ الامن والسلم الدوليين. وقد أكدت إيران أنه لو أدان مجلس الأمن الضربة الإسرائيلية، لكانت فكرت مرتين في ردها. لكن مجلس الأمن الدولي لم يقم بدوره، بعدما أفشلت الولايات المتحدة مشروع قرار إدانة تقدمت به روسيا. وفي ظل غياب الإدانة الرسمية لإسرائيل من قبل مجلس الامن وما يظهره من نفاق وفشل في القيام بواجباته رغم سجل إسرائيل الإجرامي الدولي والتصرفات اللاإنسانية، لم يكن امام إيران سوى خيار ممارسة حقها في الدفاع عن النفس.
التزمت إيران تمامًا بما يقتضيه الرد المشروع على العدوان واختارت أهداف العدو العسكرية للهجوم


• حق إيران بالدفاع المشروع
وكما جاء في المادة 51، فإن وقوع هجوم عسكري هو الشرط الأساس للدفاع المشروع. والهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية هو عمل عدائي، دفع إيران إلى استخدام حقها في الدفاع المشروع.
• عدم اللجوء إلى الاعمال الانتقامية إلا بعد تقديم تحذير مسبق ومن قبل القيادة العليا العسكرية
أعطت إيران اشعارا واضحا واسع النطاق قبل أيام من تنفيذ ردها من قبل قيادتها العسكرية العليا، لدول الجوار وحلفاء الكيان الصهيوني، وتحديدا الولايات المتحدة، مهلة 72 ساعة لشن الضربات ونقلت عبر الوسائط الدبلوماسية قبل أسبوعين من تنفيذ قرار الرد رسائل تؤكد فيها أن رد فعلها سيكون متناسبا ودقيقا. كذلك أرسلت رسالة إلى الأمين العام ومجلس الأمن تفيد فيه بأنها تحتفظ بحق الرد وفقا للمادة 51.
• توقف الأعمال الانتقامية بمجرد تحقيق أهدافها المحددة وهو ما أعلنته بعثة إيران في الأمم المتحدة بأن العمل العسكري ضد إسرائيل قد بدأ ونُفذ على نحو دقيق وأن الهجوم يمكن اعتباره منتهيا.