كشف تقرير نشره موقع «ذا إنفورمايشن» يوم الجمعة الماضي، أن شركة مايكروسوفت وشركة OpenAI تنويان الشروع في خطة مشتركة لبناء مشروع Stargate، وهو مقرّ ضخم لمركز بيانات سيحتوي على حاسوب فائق مزوّد بملايين الشرائح الإلكترونية المتخصصة لتشغيل الذكاء الاصطناعي (AI). صُمم المشروع لتلبية الطلبات المتزايدة على قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تتطلب قوة حاسوبية غير عادية، وتقدّر الكلفة بحوالى 115 مليار دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما أنفقته مايكروسوفت في العام الماضي على الخوادم والمرافق والمعدات الأخرى. ومن المقرر إطلاقه في عام 2028 في الولايات المتحدة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا: «إن الإقبال على أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة القادرة على تحليل البيانات وإنشاء المحتوى ومعالجة المشكلات المعقدة يتزايد بشكل كبير. وسيوفر Stargate أساساً حسابياً لإطلاق العنان لقدرات الذكاء الاصطناعي الرائدة».
تصميم عبر الذكاء الاصطناعي (بينغ إيمج كريياتور)

الكمبيوتر الفائق الهائل القدرة. يتفوق بشكل كبير على أجهزة الكمبيوتر التقليدية والأكثر تقدماً المستخدمة في المنازل والمكاتب. صُممت هذه الآلات المتخصّصة لمعالجة كميات هائلة من البيانات وإجراء حسابات معقّدة بسرعة عالية بشكل مذهل، وهي قدرات تفوق بكثير ما يمكن للكمبيوتر العادي التعامل معه. في قلب الكمبيوتر الفائق أعداد هائلة من وحدات المعالجة CPU ووحدات معالجة الرسوميات GPU التي تعمل معاً بالتوازي، لتسخير القوة الحسابية المجمعة لآلاف أو حتى الملايين من تلك الشرائح الإلكترونية المتطورة كي تعمل بمنزلة وحدة واحدة. يسمح هذا الأمر لأجهزة الكمبيوتر الفائقة بمعالجة المشكلات والمعلومات بمعدلات أسرع بشكل كبير من أجهزة الكمبيوتر التقليدية. وتتميز أجهزة الكمبيوتر الفائقة أيضاً بأعداد كبيرة من الذاكرة العشوائية RAM لتخزين مجموعات البيانات الكبرى والعمل معها في وقت واحد. يستطيع الكومبيوتر الفائق إكمال عمليات المحاكاة والحسابات في ثوانٍ أو دقائق معدودة، وهو ما قد يستغرق سنوات لإنجازه في حالة أجهزة الكمبيوتر العادية. لتلك الأمور وغيرها، تعد أجهزة الكمبيوتر الفائقة ضرورية لمختلف المجالات مثل البحث العلمي والتنبؤ بالطقس والتشفير وأي تخصصات أخرى تتطلب معالجة مكثفة للبيانات وعمليات محاكاة على نطاق لا يمكن تحقيقه باستخدام معدات الحوسبة التقليدية. ويمكن لنا أن نتخيل ما سيقدمه مشروع «بوابة النجوم» من تقدم مذهل ومنتظر بفارغ الصبر لأنظمة الذكاء الاصطناعي. إذ يهدف Stargate إلى إنشاء كومبيوتر فائق بقدرة معالجة تقدر بأكثر من 100 مرة من بعض أكبر مراكز البيانات الحديثة. ومراكز البيانات منشأة تستخدم لإيواء أنظمة الكمبيوتر والمكونات المرتبطة بها مثل أنظمة الاتصالات والتخزين. صممت هذه المباني والمنشآت خصيصاً لتشغيل أعداد كبيرة من أجهزة الكومبيوتر وتخزين البيانات ومد الشبكات. بالتالي سيتمكن Stargate من تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي ذات القدرة والتعقيد غير المسبوقين وتشغيلها.
تحتاج هذه القوة الحاسوبية الهائلة إلى طاقة كهربائية كبيرة جداً. والحجم الهائل للمشروع أثار المخاوف بشأن حاجته الكبيرة إلى الطاقة وتأثير ذلك على البيئة. وتشير التقديرات الأولية إلى أن Stargate قد يحتاج إلى عدة غيغاواط من الكهرباء (يحتاج لبنان إلى 3.8 غيغاواط وقت الذروة وفق تقرير صادر عن الجامعة الأميركية في بيروت)، ما قد يستلزم استكشاف مصادر طاقة بديلة مثل الطاقة النووية. بكلمات أخرى، قد تحتاج مايكروسوفت أن تبني مفاعلاً نووياً من أجل Stargate، وفقاً لتقرير نشرته «فوربس» في 31 آذار (مارس) الماضي. وحذّرت مديرة خدمة موارد المعلومات النووية، جين روبرتسون، في حديث مع «فوربس»، من أن «محطات الطاقة النووية تنتج نفايات مشعّة خطيرة يجب تخزينها بشكل آمن لآلاف السنين»، وأنهم «بحاجة إلى تخطيط سيناريو صارم وتحليل علمي بشأن البصمة النووية المحتملة لـ Stargate، وليس فقط لهذه المنشأة، ولكن أيضاً لانتشار مراكز البيانات الضخمة المماثلة». يُقال في العالم الرقمي إنّ «الإنسان جعل التربة تفكر». عبارة تحيل إلى أنّ الكمبيوتر مكوّن من السليكون الآتي من بعض أنواع التربة. وعبر مشروع Stargate، يمكن لأحدهم القول إن البشرية حولت الكهرباء إلى أنظمة ذكاء اصطناعي. لكن الأكيد أنّ قيمة الدول في القادم من السنوات، ستكون بحجم إنتاجها من القدرة الحسابية ولا شيء آخر.