حياة الحريري
أربع محطات شهدها المواطن الأسبوع الماضي كان لها وقعها ودلالاتها السياسية على المجتمع بكل أطيافه فحددت الخطوط السياسية المستقبلية التي سيسلكها أبطالها. مهرجان النصر وخطاب السيد حسن نصر الله الذي فاجأ غالبية اللبنانيين والسياسيين بمضمونه. لكن السيد كان كعادته... منفتحاً، متعالياً على جراحه وجراح شعبه، ودعا إلى طي صفحة الخلافات السياسية التي أنتجت انقساماً طائفياً ومذهبياً.
ومن الدعوة إلى حكومة وحدة وطنية إلى التأكيد أن سلاح المقاومة ليس أبدياً وبالتالي ينتهي عندما تنتفي أسباب وجوده، وضع السيد الأطر الأساسية لمستقبل لبنان الذي يقوم على الشراكة الحقيقية وعلى سيادة الدولة القوية المتحررة.
حاول قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أن يثبت في قداسها السنوي أنه زعيم سياسي وطني. لم يفاجئني جعجع بمضمون خطابه. فعلى الرغم من أنه صرح عدة مرات بأنه تعلّم من أخطاء الماضي نراه الآن يفاخر بها لا بل ويعتبرها مقاومة.
لم يستطع جعجع أن يتحمل احتضان الشعب اللبناني بكل انتماءاته للمقاومة وهو الذي راهن كغيره من السياسيين الحلفاء على انقلاب جمهور المقاومة عليها بعد العدوان. لم يستطع أن يتحمل نجاحها ودخولها قلب كل مواطن عربي، فأراد أن يتذكر «أمجاده» في زمن الحرب الأهلية الدامية التي سمّاها «مقاومة» ليثبت لنفسه بعضاً مما لا يمتلكه أصلاً.
ويبدو ان جعجع قدم نموذحاً جديداً للمقاومة يتناسب مع الآمال المرجوة لولادة الشرق الأوسط الجديد. إذا قتل لبناني آخر فهذه هي المقاومة وهذه هي معركة السيادة. أما إذا قتل لبناني الإسرائيلي المعتدي فهذه مغامرة لا تهدف إلا إلى تدمير الوطن. كم هو مسكين هذا الوطن!
المختارة.
الإطلالة المنتظرة لزعيمها وليد جنبلاط بعد كل خطاب للسيد نصر الله. وكعادته يبحث عن أبسط التفاصيل ليظهر خلافه وليعتبر ان علاقة حزب الله مع سوريا هي جوهر الخلاف بينهما. ليس خطأ أن يختلف جنبلاط مع السيد حسن، لكن اعتباره هذا التحالف عائقاً أمام بناء الدولة بشراكة هو الخطأ ولا سيما أنه استطاع أن يتناسى لثلاثين سنة عملية اغتيال النظام السوري لوالده قبل صحوة الضمير من أجل المضي في بناء الدولة (حسب قوله).
فلماذا لا يضع النظام السوري جانباً ويحاول احتضان المقاومة باعتبارها شريكاً لبنانياً أساسياً كما فعل عام 2005 لبناء لبنان حين كانت المقاومة نفسها على علاقة وثيقة مع النظام نفسه؟!
قريطم. كنت أتمنى لو أن النائب سعد الحريري قد قوّم سياسته وتحالفاته خلال الحرب الأخيرة. فبدل أن يتوجّه إلى اللبنانيين بخطاب جامع مترفّع عن السجالات كما كان يفعل والده الشهيد، تحوّل عنصراً أساسياً في سلسلة التجاذبات الداخلية التي يشهدها اللبناني. ولتذكير النائب الحريري (على الطريقة الجنبلاطية) لم تهن احتفالات الانتصار رفيق الحريري، بل على العكس فقد رحبت بجماهير صيدا مدينة الشهيد رفيق الحريري كما توجه السيد حسن إلى أبناء بيروت رفيق الحريري.
وليعلم الشيخ سعد أن رفيق الحريري في قلوب الجنوبيين الذين يأملون أو يتوقعون منه كما نتوقع نحن أن يعمل للحفاظ على هذه المسيرة بالنهج نفسه الذي خطى به والده لا عكسه!
هذه هي حالنا وهذه مـــــواقف قادة بلادنا.. فماذا نختار؟