السنيورة يتسلّح بيد السلام العربية الممدودة منذ قمّة بيروت عام 2002، أي منذ كان معروفاً بوزير الـTVA ويده الممدودة إلى جيوب اللبنانيين. أي قبل عناق كوندوليزا رايس في خضم الحرب عام 2006، والتي همس في أذنها ما يكتبه اليوم علناً في هذه المقالة.
أفظع ما في المقالة (وكلّها شنائع وفظائع) هو أن السنيورة يُطمئِن «إسرائيل» أن الشعب العربي لا ينظر إلى حربها ضد الشعب الفلسطيني على أنها حرب ضد الشعب الفلسطيني. يصرّ السنيورة هنا أنّها حرب ضد «منظمة حماس» فقط لا غير. أي إنّ الـ22 ألف شهيد في غزة هم من المقاتلين بما فيهم النسوة والرضّع. السنيورة يختم مقالته بطلب الشراكة مع «إسرائيل» خصوصاً أنه يزعم أن العرب والإسرائيليّين «على نفس الموجة» بالنسبة إلى التهديد الإيراني.
هذه المقالة سيذكرها تاريخ لبنان كما يذكر شهادات إميل إده وأغناطيوس مبارك في نصرة الصهيونيّة. قد ينال السنيورة عليها جائزة «رجل الدولة» من «مؤسّسة واشنطن» (الذراع الفكريّة للوبي الإسرائيلي). وقد يتلقى عروضاً (هو ومصفّف حروفه الشاب) للعمل في هذا اللوبي أو تلك المنظّمة في العاصمة الأميركية.
السنيورة يدّعي الناصرية، لكنه شديد الإعجاب بالسادات ويريد تصريف طوفان الأقصى على طريقته
في زمن سابق، كان السنيورة يقدّم نفسه قومياً عربياً متأثراً بالحركة الناصرية. لكنّ نسخته المحدثة التي ظهرت إلى الجمهور بعد التحاقه بركب الرئيس رفيق الحريري، جاهر بأنه جزء من مشروع يستهدف الازدهار والنمو ربطاً بالتسوية المنتظرة.
المثل الأعلى للسنيورة، هو أنور السادات وليس عبد الناصر. وهو عندما يقارب ملف الصراع مع إسرائيل الآن، يفعل ذلك بالطريقة نفسها. فهو مثلاً، أطلق يوم 8 تشرين الأول الماضي، موقفاً حول عملية «طوفان الأقصى» في حديث مع قناة تلفزيونية مصرية قائلاً: «إن عملية طوفان الأقصى هي تعبير حقيقي من الفلسطينيين، بأنه لم يعد بإمكانهم السكوت عما يجري وعن ابتلاع حقوقهم التي اعترفت بها القوانين الدولية، مشدّداً على أن هذه العملية بمثابة إنجاز كبير على غرار ما حقّقته مصر وسوريا في حرب 73».
وبناءً على قراءته «البعيدة النظر» وجد السنيورة أنه يمكنه الإشادة بالعملية من خلال وصفها بعمل كبير، لكنه سارع إلى استثمارها في ما ينشده منذ زمن بعيد، بأن طلب السلام مع إسرائيل.
مشكلة فؤاد السنيورة في ما قام به، ليس في أصل موقفه فقط، بل في طريقة تفكيره وكيفية فهمه لما يجري. وهو الذي يسخّف مثلاً دور المقاومة في لبنان، ولا يرى من داعٍ لمواجهة العدو، فإنه يخاطب إسرائيل بأن تتصرف على أن من قام بعملية 7 أكتوبر، إنما يستهدف السلام معها...
السنيورة ابن بار لهذه المدرسة، وواضح أنه بعد تقاعده القسري من العمل السياسي العام عندنا، يسعى إلى دور إضافي ولكنه ينشده هذه المرة من وراء البحار...
خذوه، مباركٌ عليكم.