وفي الاتّجاه نفسه، نشرت صحيفة «الرسالة» التابعة لـ«حماس»، مقالاً للكاتب محمد شاهين، دافع فيه عن «يوم الزيارة الحمساوية المجيد»، قائلاً: «سوريا كانت ولا تزال من أبرز الداعمين لمقاومة الشعب الفلسطيني ومقاومته، فلقد وفّرت البيئة الحاضنة للعمل المقاوم في عدد من الأماكن، لتطوير العتاد العسكري وتدريب المجاهدين لمواجهة الاحتلال، وفي هذا السياق نستحضر الشهداء جمعة الطحلة ومحمد الزواري وغيرهما الكثير من الأبطال الذين احتضنتْهم الأراضي السورية». وأضاف شاهين أن «هذا التطوّر يأتي في إطار تعزيز المحور الداعم للقضية الفلسطينية (محور القدس)»، خصوصاً أن «سوريا في حالة مواجهة مستمرّة مع الاحتلال، وفي ظلّ التغيّرات الإقليمية والدولية والتضييق الذي تتعرّض له الحركة في مناطق عدّة من العالم».
استمع الحية، خلال الجلسات الداخلية، إلى مختلف الآراء المؤيّدة والمعارِضة للعودة إلى دمشق
في المقابل، أعرب الكاتب والناشط السياسي المحسوب على «حماس»، أحمد أبو ارتيمة، في مِثل هذا اليوم، عن شعوره بـ«الامتنان»، معتبراً، في منشور عبر «فيسبوك»، أن «ثمّة مبادئ فوق أيّ حسابات وتقديراتٍ، ومن أهمّها أن أنظمة الاستبداد والقتل ليست أقلّ بشاعة من النظام الاستعماري (...) هناك من يتذرّع بأن الثورة السورية انتهت، وأن نظام بشار الأسد قد استعاد السيطرة على معظم الأراضي السورية، وأن فصائل الثورة تناحرت، هذه تقديراتهم وحساباتهم، لكن لا بدّ من الوضوح المبدئي حتى لا يصير كلّ شيءٍ مائعاً، وحتى لا نخسر كلّ قيمة أخلاقية». كذلك، كان أحمد يوسف، وهو المستشار السياسي السابق لإسماعيل هنية، قد أعلن، قبيل أيام من زيارة الحيّة إلى دمشق، أنه يقف مع خالد مشعل في عدم العودة إلى سوريا، وقال في منشور عبر «فيسبوك»: «إذ كان خالد مشعل مَن يعترض على توقيت العودة إلى سوريا الآن، فأنا معه، فنحن في السياسة تَحكمنا المبادئ التي تضبط إيقاع المصالح». كما شنّ، في مقال استبق به الزيارة، هجوماً لاذعاً على قيادة الحركة قال فيه: «هذه الخطوة متسرّعة، ولا طائل من ورائها حالياً، وهي إن تمَّت ليست أكثر من مغامرة متهوّرة لبعض الإخوة في القيادة مِمَّن استهوتْهم مظاهر الزعامة، ولم يَعُد أحدهم يكترث برأي الأغلبية من إخوانهم في الداخل والخارج، ولا حتى بأصوات الكثير من علماء الأمّة مِمَّن تحدّثوا وأرسلوا تحذيراتهم من العواقب الوخيمة لمِثل تلك الخطوة وتأثيرها على مكانة ومصداقية حماس». وأضاف القيادي «الحمساوي» المقيم في تركيا، والمحسوب كأبرز منظّري «الواقعية السياسية» في الحركة، متسائلاً: «لماذا كلّ هذه الهرولة في التصريحات التي نسمعها من بعض إخواننا، الذين يدفعون بحجج واهية للتقارب من نظام ظالم لم يتصالح بعد مع شعبه، وما زال معزولاً إقليمياً ودولياً؟ وما الذي يخشاه بعض قيادات حماس في الخارج، لتبدو وكأن حماس تتسوّل العودة إلى سوريا، لإرضاء بعض حلفاء النظام في المنطقة؟».
في خارج «حماس»، حظيت خطوة العودة إلى دمشق، بمباركة من جمهور ونُخب حركة «الجهاد الإسلامي»، التي تَقدّم أمينها العام، زياد النخالة، صفوف القيادات الفلسطينية التي استقبلها الأسد. كذلك، قدّم جمهور الحركات اليسارية ونُخبها موقفاً مماثلاً. أمّا الخصوم السياسيون، فقد دفعتْهم النكاية الحزبية إلى استحضار تصريحات «حمساوية» سابقة كانت قد هاجمت دمشق، فيما أبدى كتّاب وأكاديميون تفهّماً لقرار الحركة، إذ رأى بلال الشوبكي، وهو رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، أن «حماس تسعى لاستعادة علاقتها مع النظام السوري بعد يقينها بعدم وجود بديل يقدّم لها الاحتضان والدعم الكامل»، لافتاً إلى أن تلك الخطوة «تمّت بجهود إيرانية». وأشار إلى أن «أبرز التداعيات المباشرة لها، هو استياء الحاضنة الشعبية التقليدية (الفلسطينية والعربية)»، كونها «تَعتبر أن النظام السوري مارس جرائم بحق الشعبَين السوري والفلسطيني هناك (...) وهو ما قد يتسبّب بنوع من العزلة للحركة، فترميم علاقتها مع دمشق يُعدّ انزلاقة خطيرة على رغم تفهّم الأسباب التي دفعتْها إلى ذلك». بدوره، دافع المحلّل السياسي المحسوب على «حماس»، حسام الدجني، بأن «ثمّة جملة من المتغيّرات الدولية دفعت الحركة إلى التقارب مع سوريا، أبرزها هو اتّجاه بعض الحلفاء إلى تطبيع علاقتهم مع إسرائيل»، قائلاً في تصريحات صحافية: «حماس كحركة تحرّر وطني، الأصل أن تتموضع في المنطقة ضمن محاور وأحلاف، وهذا يتجسّد في محور المقاومة (...) في ظلّ تضييق الخناق عليها من قِبَل بعض الدول العربية، فإن سوريا أحد أفضل البدائل، التي يمكن لقيادة الحركة نقل ثقلها إليها».