مقالات مرتبطة
-
إنتخابات بيروت: أصحاب البيت ليسوا أصحاب القرار نقولا ناصيف
التوافق في العقيبة أُعلن بعد تذليل عددٍ من العقبات، برغم ذلك يُسجل بعض العونيين المعترضين مأخذين حول هذه الصيغة. يرون أولاً أنه «يجب ألّا تستسلم الأحزاب للعائليّة»، مستندين إلى تجربة دورة الـ2010 حيث «ثارت» الأحزاب على التقليد السياسي وأتت بمجلس بلدي ملتزم حزبياً ومؤلف من عائلات صغيرة. يستفز العونيون أن تتحول بلدية «ثقلها عوني إلى بلدية محسوبة على الرئيس السابق ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجي والقوات اللبنانية. هذه هدية مجانية». ثانياً، يوجه هؤلاء سهامهم باتجاه هيئة التيار المحلية، معترضين على كيفية إدارتها للمفاوضات: وافقت بداية على أن يكون الرئيس المحامي مروان الدكاش، الذي حصل على تأييد عائلته والقوات. بعدما رشح هؤلاء شخصاً آخر، قررت الهيئة الرد بترشيح طوني ضو إلى الرئاسة. وفي المرحلة الأخيرة رضيت بنصيبها: نائب الرئيس وثلاثة أعضاء.
العقيبة «معقل» لأنصار الجيش اللبناني التي حاربت الميليشيات اللبنانية زمن الحرب ثم ناضلت في صفوف التيار الوطني الحر. هؤلاء اليوم «مرجعهم» العميد المتقاعد شامل روكز. لهذا السبب، لجأ «العونيون الناقمون» إلى «جنرال النقاش» طالبين منه قراراً حاسماً. جوابه كان: «لا أملك صفة حزبيّة لأقرّر. نصيحتي لكم ذلّلوا خلافاتكم واعملوا مصلحة حزبكم». خلال الجلسة المحتدمة حضر ممثلون عن الهيئة، فسُئلوا عن دعمهم للدكّاش المحسوب على رئيس الجمهوريّة السابق وقائد الجيش. ردوا بأنهم ملتزمون تعليمات الحزب «بوجوب التحالف مع القوات ونحن كنا قد التزمنا مع آل الدكاش بأي مرشح من قبلهم»، وبأنهم «غير قادرين على خوض المعركة وحدنا لأن أداءنا لم يكن جيّداً خلال السنوات الست السابقة». زد على ذلك أنّ « الدكاش مدعوم من عائلته وينطلق بـ400 صوت. التوافق هو الحلّ الأفضل مع حفاظنا على مقاعد تتناسب مع حجمنا التمثيلي». الجواب نفسه سمعه رئيس الحزب جبران باسيل.
عائلة دكاش هي القوة الأكبر في العقيبة، تملك قرابة الـ430 صوتا. غُيبت في الـ2010، بعدما ترأس فوزي الدكاش البلدية منذ الـ1998 حتى الـ2010. هذه الدورة قرّرت العائلة إعادة تزييت محركاتها. أبدى، قبل قرابة السنة، عضو التيار مروان الدكّاش رغبته بالترشّح، منسّقاً الخطوة مع حزبه ورئيس رابطة آل الدكّاش ميلاد الدكّاش والمرشح القواتي في كسروان شوقي الدكّاش. كان الموضوع شبه محسوم، إلى أن أعلن وسام الدكّاش رغبته بالترشّح قبل شهر من الاستحقاق، فانقسمت العائلة. بعد قطيعة دامت عشرات السنوات، إجتمع شوقي وجوزف بحضور ميلاد الدكاش، واتفقوا على إقصاء المرشحين الآخرين دون الرجوع إليهما والتوافق على ترشيح جوزف.
جوزف الذي تُطرح علامات إستفهام كثيرة حول علاقاته المتشعبة ومشاركته بافطارات في البيت الأبيض وتكريمه من قبل البطريركية المارونية ومشاركته فرحة عيد الميلاد مع قهوجي في اليرزة، يقول لـ «الأخبار» إنّ هدفه من التوافق «تشكيل مجلس بلدي إنمائي لخدمة البلدة. اللائحة اكتلمت بعدم استثناء أحد»، علماً أن الكتائب لا يُشارك. بدأ الدكاش عمله في متجر لبيع الخضار في العقيبة منذ عشرين عاماً، فكان يوزع المنتجات إلى نادي الضباط. تطور ليُصبح شريكاً في شركة «سايفكو هولدينغ». وهو اليوم يطمح «لتعزيز مكانة بيت آل الدكّاش السياسية»، بعدما ترشح إلى رئاسة البلدية في الـ2010 وانسحب لأن نسبة نجاحه كانت ضئيلة. يوصف الدكّاش بأنه «رجل كلّ العهود». مقرّب من رؤساء الجمهوريّة؛ صداقته بإميل لحود سبقت انتخابه رئيساً للجمهورية. علاقة مماثلة جمعته بميشال سليمان، كما أنّه مقرب من قيادة الجيش واستخباراتها. بيد أنه يرفض أي صبغة حزبية، مؤكداً أنّ «إنتمائي وطني. لست محازباً ولا محسوباً على سليمان ولا قهوجي. أنا قريب من موقع رئاسة الجمهوريّة خلال كلّ العهود بغض النظر عن هويّة الرئيس، بقدر ما أنا قريب من المؤسّسة العسكريّة».
على الصعيد الإنمائي، تعد العقيبة من الضيع المحرومة: طرقاتها قديمة وغير منفّذة، ما من شبكة صرف صحيّ فيها، لا تصلها مياه الشفة ولا الكهرباء. فالتحدي الذي يواجه الدكاش هو أن يتمكن من توظيف علاقاته «العالمية» لتنفيذ شعار «الإنماء» الذي يرفعه. أما سياسياً، فيُمكن القول إن المرشح النيابي شوقي الدكاش تمكن من إثبات نفسه اللاعب الأقوى في بلدته، و«خياط» التركيبات الانتخابية، بعدما نجح في استمالة خصم تقليدي وإقصاء البيوتات السياسية التقليدية داخل عائلته. أما التيار، فقد أثبت تضعضع صفوفه المنقسمة بين الولاء للقيادة والوفاء لشامل روكز.