شربل كريملا يمكن أن تلتقي بأحدٍ من مشجعي فريق برشلونة هنا في لبنان إلا ويطرح عليك سؤالاً مماثلاً: «لماذا يبقون فرانك رايكارد في منصبه؟»، في إشارةٍ إلى المدرب الهولندي الذي يبدو أنه استنفد استراتيجياته، وهو يعيش حالة ضياع تاهَ من جرائها لاعبو الفريق، وحتى جماهيره التي أضحى يوم المباراة بالنسبة إليها يوماً عادياً بعدما كان منتظراً في وقتٍ مضى.
درجت العادة أن يُهدر المهاجمون ويخطئ المدافعون وحراس المرمى، فيدفع المدرب الثمن بتلقيه خبر إقالته من منصبه، لكن في حالة الفريق الكاتالوني لا يختلف اثنان من المراقبين عن كثب على أن رايكارد هو المخطئ الأكبر حتى الآن في تقهقر «البرسا» على الصعيد المحلي ومعاناته للخروج فائزاً في مبارياته الأوروبية.
ويعيب رايكارد عدم بثّه مبادئ الروح القتالية في أفراد تشكيلته الذين تراهم في أحيانٍ كثيرة يتهاوون أمام رجولة خصومهم، كما أنه لم يخلق آلية تنويع في اللعب، فأصبحت جميع خطط برشلونة واضحة للمنافسين الذين بإمكانهم أيضاً الإصابة بتوقعاتهم للتبديلات التي يمكن أن يجريها الهولندي في الشوط الثاني!
الحسرة الأكبر عند جمهور برشلونة في مختلف أقطار العالم أن اللون الأبيض الكريه بالنسبة إليهم، لكونه يرمز إلى الغريم ريال مدريد، لا يغيب حالياً عن مدرجات «نو كامب»، إذ إن المناديل البيضاء التي رفعت في وجه رايكارد ورئيس النادي جوان لابورتا تنبئ بأزمةٍ حقيقية سبق أن اشتعل فتيلها الطويل، ويبدو أن انفجارها سيكون حتمياً في حال خروج الفريق الكاتالوني من الدور نصف النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا على يد مانشستر يونايتد القوي.
وعموماً، ستتشح إسبانيا كلّها باللون الأبيض للموسم الثاني على التوالي، وخصوصاً أن ريال مدريد يبدو في طريقه للاحتفاظ بلقبه بقليلٍ من الجودة وبكثيرٍ من الخدمات التي قدّمها المنافسون إليه. فالأمر الملموس أن برشلونة بدرجةٍ أولى أهدى البطولة إلى خصمه على طبقٍ من فضة، لأنه يكون مخطئاً من يعتقد أن ريال يستحق بامتياز ومن دون جدال تسمية البطل، والدليل أنه أكثر الفرق خسارةً بين متصدري البطولات المحلية الأوروبية الكبرى...
وإذا كان هناك أحد يضحك الآن في سرّه في برشلونة، فهو «الهولندي الطائر» يوهان كرويف، الذي دعا عشية الموسم الحالي إلى إجراء نفضة للفريق، بدءاً من الاستغناء عن أحد النجوم الكبار، أي صامويل إيتو أو رونالدينيو أو ديكو، وكان ردّ البعض باتهامه بالجنون، فيما لم تُعِر إدارة برشلونة، وعلى رأسها صديقه لابورتا، انتباهاً لأقواله، وظلّت متحفّظة عليها.
أما اليوم، فأقرّت هذه الإدارة إبعاد رونالدينيو عن المجموعة، وسألته البحث عن فريقٍ جديد، وهو أمر كان لا يمكن التفكير حتى في مجرد حدوثه بنسبة واحد في المئة، وخصوصاً بعد الإنجازات التي سطّرها البرازيلي بقيادته الفريق إلى لقب الدوري المحلي ودوري الأبطال، حيث نسج أهدافاً خرافية لا يمكن نسيانها.
هل يمكن فعلاً أن يستغني برشلونة عن أفضل لاعب في العالم سابقاً؟ نعم إلى حدّ الجزم، إذ إن الفريق الذي لم يحتفظ بدييغو أرماندو مارادونا وروماريو ورونالدو ولويس فيغو وريفالدو يبدو أنه يهوى الندم والبكاء على الأطلال!
مانشستر يونايتد قادم، والمناديل في الجيوب ناصعة البياض... ورايكارد يحزم أمتعته.