هو مخلوقٌ فضائي. بهذه الكلمات القليلة وصف النجم المخضرم ليبرون جيمس زميله الجديد في الدوري الأميركي لكرة السلة، فيكتور ويمبانياما وسط عاصفة الحماسة التي ضربت اللعبة وأصابت كل محبيها حول العالم بسبب قدوم هذه الموهبة التي لا تولّد الملاعب مثلها يومياً أو موسمياً.بالفعل «ويمبي» بحسب ما يُطلق عليه ليس باللاعب أو بالنجم العادي، بل يصح القول إنه جوهرة نادرة جداً على الصعيد الفني بالنظر إلى مقوّماته البدنية وقدراته الفنية الاستثنائية.
مشاهدة فيديو خاص بهذا اللاعب البالغ من العمر 19 عاماً، والذي يبلغ طوله 2.26 م، لدقائق معدودة، تكون كافية للقول إنه إحدى المواهب القادمة للانضمام إلى نادي العظماء في حال لم يطرأ أي شيء غير طبيعي ليحول دون وصوله إلى أعلى درجات النجومية.
خليطٌ من النجوم
فعلاً ما يفعله ويمبانياما على أرض الملعب ليس بالأمر العادي، لا بالنسبة إلى لاعب بطوله ولا بالنسبة إلى لاعبٍ بسنّه، فهو يملك الطول الفارع للاعب الارتكاز، ولمسة رائعة في التصويب على السلة، وسرعة لاعب الجناح ودقّة التمرير التي يتمتع بها صانع الألعاب. هو ببساطة خليطٌ بين القدرات الدفاعية لأحد أفضل مدافعي الـ NBA أي مواطنه رودي غوبير، وبين قوة أنطوني ديفيس تحت السلة، وبين سرعة ورشاقة كيفن دورانت، لا بل إن نقاط ضعفه غير الموجودة تعطيه خصال العملاق اليوناني يانيس أنتيتوكمبو، ولو أنه لا يتمتع بعضلاتٍ مفتولة بل بجسدٍ رفيع قد يكون هو مشكلته الوحيدة في الصدامات البدنية مع الأقوياء، ما قد يؤدي إلى إصابته في دوري «عنيف» ومتطلّب جداً على الصعيد الجسماني.
كل هذا يفرز لاعباً مدهشاً على أرض الملعب، إذ كان من المستحيل التفكير في أن لاعباً بهذا الطول يمكنه التسجيل من المسافة البعيدة والمتوسطة بالفعالية نفسها، ويمكنه الاختراق من الخارج والذهاب مباشرةً إلى السلة التي يحميها من دون أن يضطر إلى القفز أحياناً، لذا فإن مرونته ورشاقته على أرض الملعب تبدوان مدهشتين إلى أبعد الحدود، وتفرضان القول بأنه القائد لجيلٍ جديد من لاعبي دوري العمالقة الذي يعجّ بالمواهب، ولكنْ أيّ منهم يشبهه أو يمكن أن ينافسه على النجومية المطلقة؟
ببساطة «ويمبي» اليوم لا يهدد هذه المواهب الجديدة فقط إنما نجوم الدوري عامةً الذين ذهبوا إلى وصفه بأحلى العبارات وتشبيهه بأفضل النجوم الأوروبيين الذين سبقوه إلى أهم بطولة لكرة سلة، بدءاً من الألماني ديرك نوفيتسكي، مروراً بالسلوفيني لوكا دونتشيتس، ووصولاً إلى الصربي نيكولا يوكيتش. الحقيقة أن النجم الفرنسي يجمع كل هؤلاء وأكثر في لاعبٍ واحد، فيمكن هنا تخيّل النتيجة على أرض الملعب!

بطل ابن أبطال
الواقع ليس مستغرباً أن يصبح ويبانياما نجماً بهذا الحجم أو أكبر، إذ إن الرياضة وكرة السلة على وجه التحديد تجري في عروقه لأنها تمثّل كل شيء بالنسبة إلى عائلته، فهو ولد في كنف عائلةٍ رياضية بامتياز، إذ إن والده فيليكس الكونغولي الأصل هو بطلٌ سابق في الوثب العالي، بينما لعبت والدته إيلودي دو فوترو كرة السلة على أعلى المستويات ونشطت في عالم التدريب، ودافعت شقيقته الكبرى إيف عن ألوان المنتخبات الفرنسية وهي تخوض حالياً منافسات 3x3 تحت راية بلادها، في وقتٍ بدأ فيه شقيقه الأصغر أوسكار يصنع اسماً في اللعبة، ليسير على خطى جدّهما ميشال دو فوترو الذي كان لاعباً معروفاً في ستينيات القرن الماضي.
نجمٌ جديد يلامس حدّ الكمال ويجمع بين خصال نجومٍ بارزين كثر


من هنا، يمكن القول إن ويبمانياما يملك ذاك الحمض النووي الخاص بالأبطال، وولد لكي يلعب كرة السلة فقط لا غير، ولو أنه اعتُبر أحد حراس المرمى النخبة في كرة القدم عندما مارسها صغيراً إلى جانب رياضة الجودو. لكنه اليوم يشدّ إليه كل نجوم الرياضة الفرنسية، إذ حتى «شبيهه» في نجومية كرة القدم وأهم موهبة فيها كيليان مبابي ذهب إلى مشاهدته وبدا مندهشاً بما يمكن أن يفعله.
هو الشيء نفسه الذي يجعل الجمهور اليوم متحمّساً لرؤيته والدليل كيفية استقباله في مطار نيويورك حيث ارتدى مشجعون قمصان فريق سان أنطونيو وتحمل اسمه حتى قبل أن يختاره فريق ولاية تكساس في «الدرافت» الذي تحوّل إلى ليلةٍ احتفالية لجمهوره في ملعبه، متابعاً لاختيار اللاعبين ومحتفلاً بنجمه الجديد الذي صوّره بطلاً خارقاً على اللافتات التي رفعها ترحيباً به.
باختصار لا حاجة إلى ذكر أرقام «ويمبي» مع فرقه السابقة في فرنسا حيث سيطر على الألقاب الفردية، إذ إلى جانب فوزه بلقب الدوري العام الماضي، اختير هذه السنة ليكون اللاعب الأفضل بعدما كان هدّاف البطولة التي حاز أيضاً على جائزة أفضل مدافعٍ فيها.
ويبانياما يلامس حدّ الكمال في كرة السلة، واسمه الصعب في اللفظ سيحفظه متابعو اللعبة غيباً وبسرعة وسلاسة تماماً على غرار اختراقاته التي تفتح إليه الطريق إلى السلة، حيث ينتظر أن يذرف منافسوه الدموع حسرةً مثلما ذرفها في أمسية اختياره لاعباً جديداً في الـ NBA ليحقق حلم حياته على حدّ قوله.