لم توفّر فرق الدوري الإنكليزي الممتاز أي مجهودٍ في مساعيها لتعزيز صفوفها قبل انطلاق الموسم الجديد الذي يقصّ شريط الافتتاح في 11 الشهر الحالي، فأبرمت صفقات بمبالغ ضخمة غالبيتها الساحقة ارتبطت بلاعبي خط الوسط الذين على ما يبدو سيكونون حجر الأساس في فرقهم، وتحديداً أولئك الذين يتمتعون بمزايا دفاعية وأخرى قيادية.وبعيداً من الدولي الإنكليزي مايسون ماونت الذي انتقل من فريقه الأم تشيلسي إلى مانشستر يونايتد، وأيضاً الألماني كاي هافرتز الذي ترك «البلوز» باتجاه جاره آرسنال، وهما يتمتعان بنزعةٍ هجومية، فإن أبرز نجوم الوسط الذين بدّلوا ألوانهم يتمتعون بالمزايا الدفاعية - القيادية، وهي مسألة ترتبط مباشرةً بمتطلبات اللعبة في الوقت الحالي ومعايير نجاح الفرق.
ومن هذا المنطلق كان استقدام ليفربول للثنائي الأرجنتيني أليكسيس ماكاليستر من برايتون، والمجري دومينيك تشوبوشلاي من لايبزك الألماني، بينما لعب آرسنال ورقة قائد وست هام ديكلان رايس، ولحق به بنفس النهج نيوكاسل يونايتد بتعاقده مع الإيطالي ساندرو تونالي من ميلان، وأيضاً توتنهام هوتسبر بمسارعته إلى ضمّ جيمس ماديسون من ليستر سيتي.
كلّ هذه الصفقات جاءت في إطار محاولة نسخ نجاحات مانشستر سيتي التي كان عمادها خط الوسط، الذي أضاف إليه هذا الصيف الكرواتي ماتيو كوفاسيتش.

دروس غوارديولا
السيتي نفسه ومدربه الإسباني جوسيب غواديولا هما أوّل الأسباب التي استخلصت منها الفرق المنافسة الدروس لتنطلق في «الميركاتو» باتجاه لاعبي خط الوسط أوّلاً، وهو أمر امتد إلى بطولات وطنية أخرى على غرار الدوري الإسباني حيث كان الهدف الأول لكلٍّ من القطبين برشلونة وريال مدريد تدعيم وسطهم بنجمٍ عالمي رغم أن منتصف الميدان لديهما يعجّ بالنجوم، فكان استقدام «البرسا» لقائد السيتي الألماني إيلكاي غوندوغان الذي كان أحد أفضل لاعبي العالم في مركزه في الموسم الماضي، بينما ذهب ريال مدريد نحو دفع أكبر مبلغٍ في سوق الانتقالات الصيفية للحصول على الإنكليزي جود بيلينغهام الذي ينتظر أن يكون أهم لاعب وسط في العالم في المستقبل القريب.
مانشستر سيتي وأفكار غوارديولا كانا وراء الهجمة على نجوم خط الوسط في العالم


إذاً عرف كبار أوروبا أنه إذا ما أرادوا الفوز بالكؤوس وكسر سطوة السيتي الفائز بكل الألقاب عليهم العمل وفق النهج الذي خلقه «بيب» من خلال استراتيجية 4-5-1 على وجه الخصوص، حيث عمد مثلاً إلى تحويل قلب الدفاع جون ستونز إلى لاعبٍ إضافي في الوسط، ليجعل منه ركناً أساسياً فيه من خلال دوره الدفاعي إلى جانب الإسباني رودري الذي قدّم أداءً عالياً، تاركاً لغوندوغان مهمة تحديد نسق اللعب، وللبلجيكي كيفن دي بروين والبرتغالي برناردو سيلفا مهمة صناعة اللعب وخلق الإضافة الهجومية، فكانت النتيجة مثالية.

ندرة المهاجمين
لكن ما خلقه غوارديولا من أسلوب استثنائي وفعال ليس السبب الوحيد نحو دفع المبالغ الكبرى من أجل ضمّ لاعبي الوسط، بل هناك سبب آخر في هذا الإطار وهو افتقاد العالم إلى عددٍ كبير من أصحاب القدرات القيادية، ما جعل الفرق تتهافت للحصول على تواقيع المتاحين منهم. أضف إلى سببٍ آخر ومهم وهو ندرة رؤوس الحربة العالميين الذين أصابوا عادةً الأرقام القياسية في سوق البيع والشراء، حيث تتصارع الأطراف المختلفة الجنسيات على قلّة منهم، إذ بعيداً من اسم النجم الفرنسي كيليان مبابي الذي يعدّ أكبر اسمٍ هجومي في «الميركاتو»، لم تتداول الصحافة سوى أسماء الإنكليزي هاري كاين، الصربي دوسان فلاهوفيتش، وبدرجةٍ أقل البلجيكي روميلو لوكاكو، وأخيراً الدنماركي الشاب راسموس هويلوند الذي طلب مانشستر يونايتد ضمّه من أتالانتا الإيطالي.
من هنا، بدا لاعبو الوسط الأكثر أهمية في البيادق الأساسية التي تملكها العقول المفكرة أي المدربون، فهم الوحيدون القادرون على تعويض أي نقصٍ هجومي أو دفاعي من خلال التوازن الذي يمكن أن يخلقه كلٌّ منهم في تشكيلة فريقه، وهو ما يعيدنا إلى مشاهد عدة عرفها الموسم الماضي خلال مسلسل نجاحات مانشستر سيتي، إذ عندما شحّت أهداف النروجي إيرلينغ هالاند في محطات حساسة حضر رودري مثلاً على غرار ما فعل بتسجيله هدفاً رائعاً أمام بايرن ميونيخ الألماني. وكذا فعل غوندوغان عندما سجّل ثنائيةً في المباراة النهائية لمسابقة كأس إنكلترا ليقود فريقه إلى حسم اللقب على حساب غريمه مانشستر يونايتد.