ليست المرّة الأولى التي يلتقي فيها العهد والنجمة هذا الموسم، إذ قبل أسابيع قليلة كان اللقاء الافتتاحي للموسم الجديد حيث تعرّف الطرفان على الجديد الذي سيحمله كلٌّ منهما إلى البطولة.هذا اللقاء التعارفي لم يكن سوى مقدّمة لما يضمره الفريقان لبعضهما البعض، إذ يعرف كلٌ منهما خير المعرفة بأن الطريق إلى صدارة الترتيب العام وتالياً إلى منصة التتويج في نهاية المشوار، يمرّ من خلال كل 90 دقيقة يقفان فيها وجهاً لوجه.
هما أصلاً كشفا عن وجهٍ قاسٍ في المرحلة الأولى وعن حضورٍ جيّد للنزال المرتقب، وذلك وسط علامات قوة قديمة وأخرى جديدة ظهرت عليهما، ما يعني أن الموقعة لا يفترض أن تكون خالية من الإثارة، أي على صورة مباراة الكأس السوبر التي انتهت سلبية في وقتها الأصلي ومن ثم نجماوية بركلات الترجيح.

العهد الكامل
بكل الأحوال، حسابٌ مفتوح يطبع المنافسة النديّة بين الطرفين، فالموسم الماضي سجّل حدثاً تاريخياً بوصول العهد إلى لقبه التاسع، ليتخطى بالتالي النجمة على اللائحة الذهبية للأبطال، وهي مسألة غير مرضية بالتأكيد بالنسبة إلى عشاق «النبيذي» الذين يؤمنون بأن فريقهم هو الوحيد القادر على إنزال الأصفر عن عرشه، والدليل أنه كان سبباً في عدم حصوله على «الدوبليه» في الموسمين الأخيرين، فأزاحه من طريقه إلى لقبٍ في الكأس ومن ثم إلى الاحتفاظ به بهزيمته في المباراة النهائية، ولو أنه في المناسبتين كانت ركلات الترجيح هي الفاصل بينهما.
طموحٌ مشروع لكن الواضح أن العهد أصبح أقوى هذا الموسم، من حراسة المرمى مروراً بكل الخطوط، إذ بعيداً عن أدائه خلال اللقاء الأخير الذي أسقط فيه الراسينغ (5-1)، بدا وكأن الفريق البطل جهّز نفسه منذ زمنٍ بعيد.
نزال طاحن بين بطلَي الدوري والكأس بعدما ظهرا بوجهين قاسيين


هو أمرٌ حصل بالفعل، إذ يعلم المتابعون عن كثب بأن المدير الفني السوري رأفت محمد شرع فور انتهاء البطولة إلى تحديد حاجاته بالأسماء، فكان استقدامه لمواطنيه محمد المرمور ومحمد الحلاق والأردني محمد أبو حشيش، تعزيزاً إضافياً لفريقٍ مليءٍ بالنجوم، ومصرّ على استعادة صفة الذي «لا يُقهر» التي التصقت به في فترةٍ من الفترات.
الواقع أن لا نقاط ضعفٍ ظهرت على العهد بل نقاط قوة كثيرة تنطلق من حراسة المرمى والخط الخلفي، وتمرّ بنوعية لاعبي الوسط الذين يجمعون بين المهارة والقدرة على التكيّف مع أي نوعٍ من الضغوط، وطبعاً القدرات البدنية وتلك الدفاعية التي تسمح للفريق باستعادة الكرة سريعاً والاستحواذ عليها، إضافةً إلى بناء الهجمة دائماً من الخلف حيث يلعب قلبا الدفاع دوراً رئيساً في العملية الكاملة للمنظومة.

النجمة المتغيّر
هذه الصورة الشاملة والمختصرة كان يعرفها المدير الفني للنجمة البرتغالي باولو مينيزيس، وتأكد منها أكثر في السوبر حيث استحوذ العهد بشكلٍ أكبر وكان الأكثر خطورة، فكان أن بدّل من شكل خياراته وخصوصاً في خط الوسط، وأيضاً من خلال مقاربة الفريق الدفاعية عند خسارته للكرة حيث حضر الضغط العالي في مواجهة الصفاء.
نقطةٌ مهمة جداً لأن النجمة سيحتاج إلى أكبر ضغطٍ ممكن من أجل كسر إيقاع العهد والتفوّق عليه في المواجهات الثنائية، معتمداً على خليط الخبرة الذي يحمي الخطوط الخلفية، وعلى حيوية الشباب التي تمنحه الفعالية في الخطوط الأمامية.
فعلاً خرج النجمة من لقائه الأخير أمام الصفاء بأكثر من ثلاثية و3 نقاط، إذ تبيّن الدور المحوري المهم للاعب الوسط الشاب مهدي زين، وايضاً امكانية انغماس محمد صادق في الهجوم عند منحه حرية التموضع، وأيضاً قدرة لاعب الوسط البرتغالي جيلسون كوستا على ضبط الوضع من خلال مجهوده الهائل، إضافةً إلى وجود أوراقٍ يمكنه المحاربة بها على رأسها لاعب الوسط لويس الخوري الذي أظهر إمكانات تخوّله أن يكون من أبرز لاعبي لبنان.
لكن يبقى إخراج الأفضل من الأجانب الآخرين وتوظيفهم بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب، إذ إن مينيزيس اضطر إلى استخدام الجناح الأوكراني دميترو بيلونو في مركز رأس الحربة بسبب عدم الجهوزية البدنية للمهاجم البرتغالي جوزيه البرتو إيمبالو.
باختصار، ستكون الثقة العالية للعهد مفتاحاً أساسياً له في مواجهة النجمة الذي يملك عاملاً لا يقلّ شأناً في هذا الإطار وهو جمهوره الهادر، ولو أن الاتحاد اللبناني لكرة القدم أقرّ السماح بدخول 1000 مشجع لكل فريق إلى مدرجات الملعب.