لم يكن أحد يتوقع أن تنتهي مباراة البرج والراسينغ على ملعب جونية ضمن الدوري اللبناني لكرة القدم بالشكل الذي انتهت عليه. المباراة جمعت البرج المتصدر برصيد ست نقاط مع الراسينغ صاحب المركز السادس برصيد ثلاث نقاط. فريقان يلتقيان للمرة الأولى منذ سنوات في الدوري اللبناني، إذ إن الراسينغ صعد حديثاً إلى الدرجة الأولى بعد غياب لعدة مواسم في الدرجة الثانية. هذا يعني أن لا حساسية بين الناديين ولا مواجهات قريبة شهدت منافسة أو نتائج أو حتى أحداثاً من الممكن أن تحضر مجدداً، أو تكون في أذهان جمهور الفريقين. أضف إلى ذلك أن القاعدة الجماهيرية للفريقين ليست كبيرة مقارنة بأندية أخرى، وإذا كان جمهور البرج أكبر ويتحمّس أكثر لفريقه، فإن جمهور الراسينغ لطالما كان مضبوطاً في المباريات، باستثناء بعض الحالات الفردية.من جهة أخرى، القوى الأمنية دائماً ما تكون حاضرة في المباريات. فوجودها ضروري وأساسي، ولطالما كان هناك مناشدة من معظم المعنيين باللعبة من اتحاد وأندية وإعلام وحتى جمهور أن تكون حاضرة. فهي صمام الأمان الوحيد في المباريات. وبالفعل فإن القوى الأمنية من قوى أمن داخلي ومن ضمنهم مكافحة الشغب والجيش اللبناني لطالما كانوا حاضرين في معظم المباريات وخصوصاً الحساسة منها. غالباً ما كانت القوى الأمنية تتعاطى بهدوء وحكمة مع الجمهور اللبناني، إلى درجة أن البعض كان يلومها لعدم التصرف بحزم مع بعض الأحداث، لكن بالنسبة إلى المسؤولين الأمنيين هناك استراتيجية معينة تعتمدها القوى الأمنية وفق كل حالة بحالتها.
يوم الأحد لم تكن المباراة حساسة، كون الدوري في بدايته ولم تكن منصفة جماهيرياً حتى. رغم ذلك، حضرت القوى الأمنية وقامت بواجبها على أكمل وجه حتى نهاية المباراة حين تفجّر خلاف بين هذه القوى وجمهور البرج.
على أرض الملعب كانت المباراة متوترة، انتهت النتيجة بتعادل الفريقين (1-1) ليتراجع البرج إلى المركز الثاني، في حين أن الراسينغ خرج مستاءً، إذ كان قريباً من الخروج فائزاً بعدما تقدم بهدف حافظ عليه حتى الدقيقة 84. رفع الحكم علي الأشقر البطاقة الصفراء ثماني مرات ونجح في ضبط الأمور رغم قوة اللقاء. بطاقاته طالت الجهازين الفنيين للفريقين أيضاً حيث نال مدير نادي البرج عباس عطوي «أونيكا» إنذاراً وكذلك الأمر بالنسبة إلى مدرب الراسينغ الصربي فلاديمير فيجوفيك. هذا يؤشّر إلى أن المباراة التي كان من المتوقع أن تكون عادية تحوّلت فجأة إلى تنافسية ومشحونة على أرض الملعب. لا شك أن هذه الأجواء من الطبيعي أن تنعكس على المدرجات وخصوصاً مدرج البرج. فجمهور «الأصفر» وجد فريقه يفقد الصدارة لمصلحة النجمة قبل أسبوع على مواجهتهما في الأسبوع الرابع. كما أن أداء الفريق لم يكن مقنعاً حيث كان الراسينغ يستحق الخروج فائزاً.
أحالت لجنة الانضباط في اتحاد الكرة أحداث مباراة البرج والراسينغ إلى اللجنة التنفيذية


رغم ذلك، لم يخرج جمهور البرج عن الحدود وبقيت الأمور مضبوطة لحين انتهاء المباراة. في الوقت عينه، كانت القوى الأمنية تقوم بدورها بهدوء حيث كان هدفها خروج اللاعبين والجمهورين بسلام من الملعب. إذاً، ماذا حدث؟
مصادر أمنية رفيعة تحدثت لـ«الأخبار» عمّا حدث في جونية، معتبرة أن هدف القوى الأمنية كان خروج الجميع وخصوصاً اللاعبين بسلام. «لاحظ بعض العناصر محاولة البعض التعرض لبعض لاعبي الراسينغ، فعمدوا الى منع أيّ أحد من منطقة جمهور البرج من الوصول إلى أرض الملعب»، يقول المصدر.
في هذا الوقت، حاول بعض لاعبي البرج الموجودين خارج تشكيلة الـ 20 لاعباً والذين جلسوا على مدرج البرج، ومنهم أبو بكر المل الدخول إلى منطقة المنصة الرئيسية للالتحاق باللاعبين في غرفة الملابس. هذا الأمر لم يسمح به عناصر القوى الأمنية خوفاً من دخول الجمهور خلف اللاعبين والوصول إلى لاعبي الراسينغ. لكن بعض الأشخاص لم يمتثلوا لأوامر القوى الأمنية «وتعرّضوا لها ووجّهوا الإهانات والاتهامات لعناصر الأمن. وكان من الممكن انتهاء المشكلة عند هذا الحد، لكن الأسوأ كان محاولة بعض الجمهور التعرّض للآليات العسكرية خارج الملعب. فمن الطبيعي أن يخرج الجمهور من المدرج ويغادر الملعب، لا أن يتوجّه إلى الآليات العسكرية والتعرض لها» تقول المصادر الأمنية لـ«الأخبار».
من جهته، اعتبرت ادارة نادي البرج أن ما حصل في جونية غير مقبول وأصدرت بياناً (نشر على صفحة النادي على الفايسبوك ولم يُرسل إلى وسائل الإعلام)، مستنكرة «ما تعرّض له جمهور النادي وإداريّوه». ودعت إدارة النادي الاتحاد اللبناني لكرة القدم، والجيش اللبناني، ووزارة الداخلية، لفتح تحقيق شفّاف بما حصل. كما أعلنت الإدارة «عدم خوض أي مباراة أخرى على ملعب جونية، حمايةً للجمهور واللاعبين...» كما جاء في البيان.
اتحادياً، أحالت لجنة الانضباط في الاتحاد أحداث مباراة البرج والراسينغ إلى اللجنة التنفيذية لاتخاذ القرارات المناسبة. وقد عقدت اللجنة التنفيذية اجتماعاً عصر أمس، تباحثت فيه في عدة أمور ومنها ما حصل في جونية، حيث تقرر اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعرفة تفاصيل ما حصل قبل صدور أي قرار عن اللجنة.