بعيداً عن تميّز شركة «ريد بول» في قطاع كرة القدم من خلال ملكيتها لفريقَي لايبزك الألماني وسالزبورغ النمسَوي، يبرز في سماء الكرة الأوروبية نموذج آخر تقوده شركة «سيتي غروب» الإماراتية المالكة لمانشستر سيتي وجيرونا. ورغم الهوة الواضحة بين موقَعي الاسمين في الوسط الرياضي، يتنافس الفريقان على صدارة الدورييْن الإنكليزي والإسباني تباعاً هذا الموسم، ما يمهّد ربما لأحد أنجح مشاريع تعدد الملكية على الإطلاق.سبق أن قادت الشركة الإماراتية نادي «السيتيزينز» إلى المجد المحلي من خلال حصد لقب الدوري الإنكليزي الممتاز 7 مرات في عهدها إضافةً إلى سلسلة منوّعة من الكؤوس، فيما تجلّت الإنجازات عند رفع لقب دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي للمرة الأولى في تاريخ النادي.
نجاح بكل المقاييس، بدأ ينسحب تدريجياً على النادي «الشقيق» لمانشستر سيتي، وهو جيرونا الإسباني، من خلال مقارعة هذا الأخير للكبار على صدارة الدوري الإسباني. بدأ جيرونا مشواره المحلي بأفضل صورة ممكنة، حيث حقّق 6 انتصارات وتعادلاً واحداً في أول 7 مباريات، ما وضعه في صدارة الدوري، غير أن المباراة الثامنة شهدت خسارة الفريق أمام ريال مدريد (3-0)، ليتراجع بذلك إلى المركز الثالث.
أداء مميّز ونتائج مقنعة يقدّمهما الفريق الإسباني-الكاتالوني، ما كان ليتحقق كلّ ذلك ربما لولا الأموال الإماراتية المستجدّة. ومنذ أن استحوذت مجموعة سيتي عام 2017 على حصة قدرها 44% من أسهم جيرونا (وصلت في ما بعد إلى 48%)، أصبح النادي الكاتالوني جزءاً من «دي أن إي» مانشستر سيتي.
صحيح أن سعة ملعب جيرونا الصغيرة (13.286 متفرجاً) لا تُقارن مع ملعب الاتحاد، كما أن كفّة الميزانية تميل إلى مصلحة السيتيزينز، غير أن الفلسفة الكروية بين الفريقين متشابهة إلى حدّ ما. الأسلوب الهجومي للنادي الإسباني بقيادة المدرب ميشيل يحاكي «تيكي تاكا» بيب غوارديولا، ما يسهّل تنمية مواهب مانشستر سيتي الشابة عند إعارتها لجيرونا.
بالإضافة إلى ذلك، هناك روابط أسرية بين الفريقين، حيث يمتلك بيري غوارديولا، شقيق بيب مدرب مانشستر سيتي، أسهماً تُقدر بـ16% من نادي جيرونا وهو يشغل منصب رئيس مجلس إدارة النادي الكاتالوني، فضلاً عن ممارسة عمله الأساسي في الاستشارة الرياضية وتمثيل اللاعبين.
ومنذ عملية الاستحواذ الثنائية، شابت الشكوك حول قانونية الملكية المشتركة تحت جناح الإمارات، خاصةً أن الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم يمتلك لوائح مفصّلة بعنوان «تقييد تضارب المصالح»، يسعى من خلالها إلى منع الوكلاء والإداريين والأندية بأن يكون لهم «أي مصلحة في أعمال أو شؤون الوسيط». ومع ذلك، كان جميع الأطراف على ثقة تامة بعدم وجود تضارب في المصالح وأكّدوا في أكثر من موقف عدم انتهاكهم أي قواعد، خاصةً أن القواعد الإنكليزية تُطبَّق في إنكلترا فقط، أي إنها تسقط عند شراء نادٍ «خارجي».

لقاءٌ محتمل
يتنافس مانشستر سيتي في مسابقة دوري أبطال أوروبا للعام الثالث عشر على التوالي، وتنبئ صدارته للدوري الإنكليزي الممتاز حتى الجولة السابعة باحتلال مركز محلي مؤهّل إلى المسابقة الأوروبية الأمّ على أقل تقدير في الموسم المقبل.
من جهته، يبدو جيرونا قادراً على الذهاب بعيداً في بطولة الدوري الإسباني، ما قد يضمن له مركزاً في دوري الأبطال أيضاً إذا أنهى موسمه بين «الكبار».
مسارٌ مفاجئ طرح تساؤلات حول شرعية مشاركة الفريقين ضمن «UEFA Champions League» إذا حصدا مركزين مؤهّليْن للبطولة، في ظل القواعد الصارمة المنصوص عليها ضمن لوائح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بوجه ملكية الأندية المتعدّدة.
وفي هذا الإطار، أكّد تقرير من صحيفة «إل موندو ديبورتيفو» الإسبانية إباحة مشاركة الفريقين في النسخة نفسها من دوري الأبطال، لافتاً إلى أنه سبق لجيرونا الحصول على ترخيص الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الموسم الماضي على الرغم من ارتباطاته بمانشستر سيتي.
من جهة ثانية أكّدت تقارير صحافية عدّة أن مسألة قانون اللعب المالي النظيف ستُطرح مستقبلاً بالنسبة إلى جيرونا إذا ما بالغ في الإنفاق على شراء اللاعبين، كما حصل تماماً مع مانشستر سيتي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ملف تضارب المصالح، إذ لن ترحّب جهات عديدة بامتلاك ذات الجهة لفريقين في دوري الأبطال.