عزّزت السعودية حظوظها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخها، مع انسحاب أستراليا أمس الثلاثاء من السباق على احتضان نسخة 2034، في اليوم الأخير من المهلة المحدّدة لإعلان نوايا الترشّح.
وكان الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) قد دعا في الرابع من تشرين الأول دول آسيا وأوقيانيا إلى التقدّم بترشيح للحصول على حقوق استضافة كأس العالم اعتباراً لمبدأ المداورة، بعد اختيار الملف الثلاثي للمغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة نسخة 2030، علماً أن نسخة 2026 ستستضيفها الولايات المتحدة، كندا والمكسيك.
وبعد تعبير رئيسه التنفيذي جيمس جونسون في آب الماضي عن الاهتمام بالاستضافة للمرة الأولى في تاريخ البلاد، لم يقدّم الاتحاد الأسترالي ترشيحه قبل الموعد النهائي المقرّر أمس الثلاثاء، مستسلماً للضغوط، بعد أن ألقى الاتحاد الآسيوي للعبة بثقله خلف ملف المملكة العربية السعودية.
وقال الاتحاد الأسترالي في بيان «لقد بحثنا في إمكانية تقديم ترشيح لاستضافة كأس العالم لكرة القدم، وبعد أخذ جميع العوامل في الحسبان، توصلنا إلى نتيجة مفادها عدم القيام بذلك في نسخة 2034».
وبعد أن استضافت أستراليا، مع نيوزيلندا، مونديال السيدات هذا العام في نسخة اعتُبرت ناجحة بصورة عامة، تتضمّن الاستضافات الكبرى لأستراليا في السنوات المقبلة، احتضان أولمبياد 2032 الصيفي في مدينة بريزبين.
وأضاف الاتحاد الأسترالي أنه «في موقف قوي لاستضافة كأس آسيا 2026، أقدم بطولة نسوية في العالم، ثم الترحيب بأكبر الأندية العالمية في كأس العالم للأندية 2029».
وبعد كشف رئيس الاتحاد الإندونيسي إريك توهير هذا الشهر عن إجراء محادثات مع أستراليا بشأن ملف مشترك محتمل، عاد وأعرب عن دعم ترشيح السعودية.
في المقابل، ستكون استضافة السعودية، في حال بقائها منفردة كما هو متوقع في السباق، الثانية في تاريخ الشرق الأوسط، بعد 12 عاماً فقط من احتضان قطر نسخة 2022 في كانون الأول، إثر نقل النهائيات إلى فصل الخريف بسبب درجة الحرارة المرتفعة في الخليج صيفاً.
وبعد دعوة فيفا، سرعان ما أعلنت السعودية نية الترشح، تلا ذلك ترحيب رئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة «أسرة كرة القدم الآسيوية ستقف متوحدة في دعم المبادرة البالغة الأهمية للمملكة العربية السعودية، ونحن ملتزمون بالعمل من قرب مع أسرة كرة القدم العالمية من أجل نجاحها».
وكشف الاتحاد السعودي بعد إرسال خطاب الترشّح في 9 الجاري، عن حصوله على تأييد «أكثر من 70 اتحاداً مختلفاً من مختلف القارات (من أصل 211)، عبر بيانات رسمية» بعد أقل من 72 على إعلان الترشّح. فيما عبّرت دول آسيوية عدة عن دعمها لها في كونغرس الاتحاد القاري، على غرار اليابان، أوزبكستان والهند.
ويُعدّ طموح السعودية لاستضافة نسخة 2034 أحدث خطوة في حملة لتحويل المملكة إلى قوة رياضية عالمية. هي عنصر رئيسي في الأجندة الإصلاحية التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والهادفة إلى تحويل المملكة إلى مركز للسياحة والأعمال، مع تحويل الاقتصاد وتنويع مصادره بعيداً عن الوقود الأحفوري.
وفي وقت سابق من العام الحالي، تأكّدت استضافة السعودية لبطولة كأس آسيا 2027 في كرة القدم، كما فازت العام الماضي بحقوق استضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029.
استضافت المملكة بطولة «دوري ليف غولف» النهائية للموسم العادي، وتستعد لتنظيم كأس العالم للأندية في كرة القدم في كانون الأول المقبل في جدّة، إلى أحداث أخرى في رياضة المحركات، التنس، الفروسية، الرياضات الإلكترونية وغيرها.
ودخلت السعودية بقوّة على خط سوق انتقالات كرة القدم، فضمّت إلى دوري المحترفين لديها عدداً كبيراً من نجوم اللعبة بدءاً من البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي افتتح عهد الجذب إلى المملكة برواتب هائلة من أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم. لحق به أمثال البرازيلي نيمار، الفرنسي كريم بنزيمة والسنغالي ساديو مانيه.
وأثار استعداد الرياض لإنفاق مئات الملايين من الدولارات على الأحداث الرياضية اتهامات بـ«الغسيل الرياضي»، أو استخدام الرياضة لصرف الانتباه عن انتهاكات حقوقية دائماً ما تضع المملكة في دائرة الانتقادات.
وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الشهر الماضي، صرف بن سلمان النظر عن تلك الانتقادات قائلاً «سأواصل الغسيل الرياضي» إذا كان ذلك سيفيد الاقتصاد السعودي.
من جهة أخرى، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة الاتحاد الدولي معتبرة أنه «انتهك قواعده الخاصة بحقوق الإنسان عندما أعلن عن خطته لاستضافة المونديالين المقبلين (2030 و2034)، وهذا ما يلغي فعلياً الترشّح والعناية الواجبة بحقوق الإنسان».
قال مينكي ووردن من المنظمة إن «احتمال منح فيفا تنظيم مونديال 2034 للسعودية رغم سجلها المروّع في مجال حقوق الإنسان وإغلاق الباب أمام أي مراقبة يفضح التزامات فيفا تجاه حقوق الإنسان باعتبارها خدعة».
وأضافت المنظمة أن تحديد فيفا مطلع الشهر مهلة الترشح بحلول 31 تشرين الأول/أكتوبر هو «موعد نهائي ضيق وغير معقول لكأس العالم 2034 بعد 11 عاماً، يجب أن يشمل مشاورات مع أصحاب المصلحة الوطنيين وقد يكلّف مليارات الدولارات».