عناوين عدة للجولة الثامنة من الدوري اللبناني لكرة القدم التي تفتتح اليوم الجمعة، لعل ابرزها لقاء «الديربي» الذي سيجمع بين الراسينغ والحكمة عند الساعة 14.15 على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية.مواجهةٌ ستجدّد الصراع بين الفريقين على زعامة منطقة الأشرفية، وهما اللذان عرفا حدّة في المنافسة لفتراتٍ طويلة ليكتبا تاريخاً للقائهما يشبه بشكلٍ او بآخر كل تلك اللقاءات بين «الجيران الأعداء»، فكانت هذه المباراة في فترةٍ من الفترات تنافس بأهميتها «دربي بيروت» بين النجمة والأنصار او «الدربي الأرمني» بين هومنتمن وهومنمن.
بكل الاحوال هو «دربي» لا يشبه اي لقاء آخر بين الفريقين، اذ كان من المتوقّع ان يكون مستواهما متقارباً بالنظر الى عودة الراسينغ حديثاً من الدرجة الثانية وظهور الحكمة بصورةٍ عادية في الموسم الماضي، ما ترك مؤشراً بأنهما سيتنافسان على المراكز في النصف الثاني من الترتيب او ربما سيكون «الأخضر» أمام «الابيض» لسببٍ بسيط وهو انه قام بعددٍ كبير من التعاقدات وجذب اسماءً افضل على الورق من تلك التي اراد غريمه ان يدخل بها الدوري.
لكن «سندباد الكرة اللبنانية» (احد القاب الراسينغ في السبعينيات لكثرة سفره) أسقط كل التوقعات، ووقف في المركز الخامس مع ختام المرحلة السابعة، وهو يملك الآن فرصة القفز الى المركز الثالث وتعزيز حظوظه ببلوغ سداسية الاوائل في حال خرج من «الدربي» بالعلامة الكاملة.
نافس «دربي الأشرفية» بأهميته «دربي بيروت» و«الدربي الأرمني»


كل هذا تحقق بالدرجة الأولى بفضل عدم انجراف الراسينغ وراء جنون سوق الانتقالات وضمّ لاعبين لا يمكنهم ان يخدموا الفريق، فكان تعاقده الأبرز بلا شك مع مدربٍ لا مع لاعبٍ عبر استقدامه مدافع العهد السابق (2011-2012) المونتينغري فلاديمير فويوفيتش الذي سبق له ان اختبر اجواء الكرة اللبنانية مدرباً عندما أشرف على السلام زغرتا في موسم 2021-2022.
ما فعله «فلادو» لا يعرفه سوى المتابع عن كثب، اذ عمل بشكلٍ حثيث على دمج عناصره في نظام لعبٍ محدد، ما خلق مجموعة متماسكة ومنسجمة لا تتأثر غالباً بغياب اي لاعبٍ اساسي عنها. وهذه المسألة احتاجت الى وقت من دون شك، لكنها أثمرت في النهاية نتيجةً من خلال التنظيم الدفاعي الذي بدا عليه الفريق، وايضاً من خلال الفعالية الهجومية التي افرزها معرفة فويوفيتش كيفية توظيف اللاعبين المناسبين في المراكز المناسبة لامكاناتهم، وايضاً بحسب مقتضيات ومتطلبات المباريات.
من هنا، لن يكون مفاجئاً، وبعد الاداء الذي ظهر عليه في لقائه الاخير امام الأهلي النبطية (3-0) أن يخرج فريق «القعلة البيضاء» بالنقاط الثلاث، ما سيزيد من محن الحكمة.

توقّع كثيرون ان يقف الحكمة امام الراسينغ بسبب كثرة تعاقداته (طلال سلمان)

هذا الفريق الذي يعتبر «الدربي» نقطة انطلاقٍ جديدة له، اذ ان أشدّ المتشائمين لم يكن يتوقّع ان يقبع الفريق الأخضر في المركز الاخير، وخصوصاً ان الاسماء التي ضمّها الى صفوفه منها من تألق على الصعيد الفردي، ومنها من نجح حتى في احراز الالقاب المختلفة على ساحة كرة القدم اللبنانية.
ويبدو محيّراً فعلاً ما حصل مع الحكمة طوال الاسابيع السبعة الماضية لعمر الدوري، وقد اعاده متابعون الى سببٍ نفسي لا فني، وخصوصاً في ظل العمل الكبير الذي يقوم به الجهاز التدريبي، والذي تقاطع على ما يبدو مع اجواء امتعاض لدى اللاعبين خلال الخضة التي عرفها النادي حيث تأخرت رواتبهم، ما غيّب الحافز عنهم.
ويقول مصدرٌ مقرّب من الفريق بأن الجهاز الفني انشغل في المطالبة بحصول اللاعبين على مستحقاتهم عشية مبارياتٍ مهمة بقدر ما اهتم بالعمل على الجوانب الفنية، معيداً السبب الأول لنتائج الفريق السلبية الى هذه النقطة ليشير الى ثقةٍ بقدرة رجال المدرب بول رستم للنهوض والقيام بردّة فعل ايجابية امام فريقٍ يعرفون ما يعني لجمهور الحكمة التغلب عليه، لينطلق بالتالي الموسم الحكماوي بشكلٍ فعلي، وليتفادى الفريق الأخضر اي احراجٍ ناتجٍ عن الدخول في معركة الهروب الى مصاف اندية الدرجة الثانية التي زارها سابقاً مراراً، حيث سيكون من الصعب عليه رؤية الراسينغ «فوق» وهو يجهد للعودة من «تحت».