تعادل منتخب لبنان مع «ضيفه» منتخب فلسطين 0-0 في أولى مباريات تصفيات المونديال وكأس آسيا في الإمارات. خرج منتخب لبنان بنقطة وحيدة، في وقت كانت فيه الآمال معقودة لحصد النقاط الثلاث ووضع نصف قدم في الدور النهائي من التصفيات. لكن الآمال والأمنيات شيء، وأرض الواقع والظروف المحيطة بالمنتخب شيء آخر.الحديث عن المباراة قبلها مختلف جداً عن الكلام بعدها. قبل اللقاء، كانت النقاط الثلاث هدفاً، بعده يمكن اعتبار النقطة مكسباً ولذلك أسباب عديدة. بعضها يتعلّق بالظروف قبل اللقاء، وبعضها مرتبط باللقاء نفسه والسيناريو والأحداث التي شهدها.

يمكن اعتبار التعادل مع فلسطين لمصلحة لبنان نسبةً إلى مجريات اللقاء والظروف التي مرّ بها المنتخب قبله (الشارقة - طلال سلمان)

اعتبار النقطة مكسباً ينطلق بالدرجة الأولى من الواقع الفني للمباراة مع فلسطين. «الفدائي» كان أفضل من منتخب «الأرز». فرصٌ أكثر وأخطر، حضورٌ أقوى وكفّة أرجح. فحين يكون ثلاثة لاعبين هم: الحارس مصطفى مطر (اختير أفضل لاعب في المباراة) وقلبا الدفاع: قاسم الزين ووليد شور أفضل لاعبي منتخب لبنان، فحينها يكون التعادل وعدم الخسارة جيدَين. وحين يكون الثلاثة المذكورون قد حملوا المنتخب على أكتافهم في اللقاء وحموه وأبعدوا عنه شبح الخسارة فهذا يعني أن التعادل يعدّ مكسباً للبنان. وحين يتفادى منتخب لبنان الخسارة أمام منافسه الرئيسي على بطاقة التأهّل الثانية (كون الأولى محسومة لأستراليا) بانتظار المواجهة المصيرية الثانية بينهما في شهر آذار 2024، فحينها يمكن اعتبار النقطة مفيدة. وحين تكون المباراة الأولى الأصعب في أيّ منافسات، وتكون أمام المنافس الرئيسي على التأهّل فحينها عدم الخسارة يعدّ أمراً مقبولاً.
ليس القول بأن التعادل كان جيّداً، لكنه مقبول حين نتذكّر الظروف المحيطة باللقاء قبل انطلاقه ومحورها الأساسي التغيير في الجهاز الفني. فالمدير الفني الكرواتي نيكولا يوريسيفتش تسلّم مهامّه قبل شهر تقريباً على المباراة الأولى. ضيق الوقت لم يكن في مصلحته. وعدم معرفته بأدقّ تفاصيل لاعبيه كان عاملاً سلبياً خلال فترة عمله.
لكن يوريسيفيتش نجح في تقديم منتخب مدافع بطريقة جيدة، وخصوصاً عبر خياراته في قلب الدفاع، لكنه لم ينجح في تقديم منتخب مهاجم قادر على تهديد مرمى الخصم. فالمنتخب اللبناني لم يكن له سوى فرصتين فقط في الوقت الأخير من اللقاء. الأولى تسديدة علي الحاج والثانية كرة ضائعة لهلال الحلوة. اللاعبان دخلا في الشوط الثاني إلى جانب محمد حيدر، قبل أن يكون محمد قدوح آخر البدلاء. هنا يمكن تسجيل نقاط لمصلحة المدرب، حيث جاءت تبديلاته في مصلحة المنتخب الذي تحرّك بشكل أفضل، لكن قد يُسجّل عليه التأخّر بعض الشيء في إجراء هذه التبديلات، لكن يبقى هو الأعلم بما يدور في ذهنه وعلى أرض الملعب.
يخوض منتخب لبنان مباراته الثانية مع مضيفه منتخب بنغلادش يوم الثلاثاء المقبل


لا شك أن لقاء أمس هو فرصة أساسية للبناء عليها أولاً في المباراة الثانية مع المضيف منتخب بنغلادش يوم الثلاثاء عند الساعة 13.45 بتوقيت بيروت، وثانياً للجولة الثانية من التصفيات العام المقبل.
المهم العودة من بنغلادش بالنقاط الثلاث، واحتلال المركز الثاني في حال فوز أستراليا على فلسطين في الكويت أرض «الفدائي» يوم الثلاثاء أيضاً، وهو الأمر المرجّح بعد الرسالة التي وجّهتها أستراليا من بنغلادش بفوزها على منتخب بسباعية نظيفة.
لكن هذا السيناريو غير مضمون انطلاقاً من الأداء الذي قدّمه الفلسطينيون في اللقاء. فهم ظهروا بصورة جيدة مع نفس هجومي وخصوصاً في الشوط الثاني، وقدرة على استغلال الأطراف بشكل جيد. وقد يكون هذا مفاجئاً من منتخب تعيش بلاده حالة حرب مع العدو الصهيوني ولم يستعد سوى بمعسكر وحيد في الأردن. لكن حين النظر إلى قائمة اللاعبين الـ 23 التي اختارها المدير الفني التونسي مكرم الدبّوب نجد أن 13 لاعباً منها هم محترفون خارج فلسطين، على رأسهم أخطر لاعبي الفريق علاء الدباغ، في حين أن اللاعبين العشرة الباقين هم من الضفة الغربية. وعليه، من الطبيعي أن يقدّم المنتخب الفلسطيني هذا الأداء، فهو خصمٌ لا يُستهان به وقادر على تحقيق نتائج مفاجئة انطلاقاً ممّا قدّمه أمام لبنان.
على صعيد منتخب لبنان، خلاصة القول أن لكل حدثٍ سلبياته وإيجابياته أو النصف الملآن من الكوب. وهذا ينطبق على مباراة لبنان الأولى في التصفيات، لعل النصف الفارغ هو عدم الفوز والظهور بمظهر مقنع، لكن النصف الآخر من الكوب يؤكّد أن عدم الخسارة بعد كل ما مرّ به منتخب الأرز أمرٌ إيجابي.

المؤتمر الصحافي
رأى المدير الفني للمنتخب اللبناني نيكولا يورسيفيتش أن التعادل كان عادلاً، وذلك في المؤتمر الصحافي الذي أعقب اللقاء، قائلاً «لنكن واقعيين. كنا نعرف أننا سنواجه خصماً صعب المراس، ويتمتع بقوةٍ بدنية ونفَساً طويلاً، وهو ما أظهره في الشوط الثاني، لكنّني راضٍ عن أداء منتخبي الذي صنع فرصاً أيضاً، لذا اعتبر النتيجة عادلة، ويمكن البناء عليها للمستقبل».
وعن المباراة المقبلة أمام بنغلادش، التي غادر إليها منتخب لبنان فجر اليوم الجمعة، قال يورسيفيتش: «سنتوقف عند ما قدّمناه أمام فلسطين والوضع البدني لبعض اللاعبين قبل أن نقوم بخياراتنا، لكننا من دون شك سنذهب للفوز الذي نحتاج إليه، وللوصول إليه علينا مواصلة العمل بجديةٍ وتركيز، وأنا أثق باللاعبين وبهذا المنتخب».
أما الحارس مصطفى مطر، فقد أشاد بزملائه اللاعبين، قائلاً: «يعود الفضل للجميع في حصولي على جائزة أفضل لاعب في المباراة. واجهنا خصماً صعباً وخطراً، والكل قام بواجبه. أنا سعيد لخروجي بشباكٍ نظيفة، وأتطلّع للمباراة المقبلة حيث سيكون هدفنا النقاط الثلاث».



الكوفيّة والعلم الفلسطيني


حضر العدوان الصهيوني على غزّة بشكل خاص وفلسطين بشكل عام في اللقاء، إذ دخل لاعبو المنتخب الفلسطيني وهم يضعون الكوفيّة الفلسطينية حول أعناقهم، فيما ارتدى الجهاز الفني ملابس رياضية على شكل علم فلسطين. وقد وقف الجميع في الملعب دقيقة صمت قبل انطلاق المباراة حداداً على شهداء غزّة. وبدا لاعبو المنتخب الفلسطيني في اللقاء مصممين على تحقيق نتيجة إيجابية وإهدائها للشعب الفلسطيني. لكن المنتخب اللبناني وقف نداً أمام هذا الهدف وفرض التعادل على منافسه. وقفة لبنانية قد تكون في وجه الفلسطينيين على أرض الملعب، لكن خارجه قد يكون الشعب اللبناني الشريك الأساسي للفلسطينيين في حربهم مع العدو الصهيوني. ولعل عشرات الشهداء الذين سقطوا في جنوب لبنان والتهديدات التي يعيشها لبنان برمّته منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول الماضي دليل أساسي على وحدة القضية بين اللبنانيين والفلسطينيين.