فترة حرجة يعيشها المنتخب البرازيلي لكرة القدم. صاحب أكبر عدد تتويجات في كأس العالم بواقع خمسة ألقاب، لم يفز في تصفيات كأس العالم 2026 سوى مرتين من أول ست مباريات، مقابل تعادل و 3 هزائم وضعته في المركز السادس. الخسارة الأخيرة جاءت على ملعب «ماراكانا» الشهير، أمام غريمه التقليدي، الأرجنتين، وهي الخسارة الأولى للسيليساو تاريخياً على أرضه في تصفيات «المونديال»، ما يعكس سوء الوضع.ورغم سماح بطولة كأس العالم الموسّعة أخيراً (أصبحت تضم 48 فريقاً الآن) لستة منتخبات من أميركا الجنوبية بالتأهل إلى النهائيات بدلاً من 4، مع توجه الفريق صاحب المركز السابع في التصفيات إلى مباراة قارية فاصلة، لا يزال المنتخب البرازيلي معرّضاً للغياب عن المونديال بعد أن كان أحد عمدانه على امتداد العقود.
تراجُع الكرة البرازيلية ليس وليد الصدفة. هو نتاج مؤشرات تم تجاهلها من القيّمين على القطاع الكروي البرازيلي في مختلف درجاته وهياكله. لا يقتصر الفشل على لاعبين أو كوادر فنية، الجميع مشمول، كما أنه ليس وليد الصدفة، بل يمتد لسنواتٍ طوال.
في كأس العالم الماضية التي لُعبت في قطر مثلاً، لم يكن المنتخب البرازيلي على قدر التطلعات، حيث فاز مع المدرب السابق تيتي بفارق ضئيل في مباراتين ضمن دور المجموعات، قبل أن يخسر أمام الكاميرون. وعلى الرغم من إقصائه لكوريا الجنوبية في دور الـ16، عانى السيليساو الأمرين أمام منتخب كرواتيا في دور ربع النهائي، ليودّع البطولة عبر ركلات الترجيح. الإقصاء القاسي أمام كرواتيا حاكى إقصاء 2018، عندما خسرت البرازيل بطريقة مشابهة أمام بلجيكا، وهو منتخب آخر يتميّز بمتانة خط وسطه وصلابة دفاعه، مثل كرواتيا.
تركَ تيتي منصبه بعد انتهاء المونديال تماماً كما أعلن في السابق، وتسلّم مدرب منتخب برازيل تحت 20 عاماً، رامون مينيزيس، زمام الأمور بصورة مؤقتة، قبل أن يتم استبداله هو الآخر عقب الخسارة أمام السنغال، بالمدرب فرناندو دينيز، بصورة مؤقتة أيضاً. لا يزال البرازيليون ينتظرون تعيين المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي على رأس العارضة الفنية بعد انتهاء عقده مع ريال مدريد، كما أعلن رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم في السابق. في حال تحقق ذلك، سيكون أنشيلوتي أول مدرب أجنبي لمنتخب البرازيل منذ أكثر من 50 عاماً، ضمن خطوة محفوفة بالمخاطر.
هناك تخوُّف في الوسط البرازيلي، تحديداً من قدامى المنتخب، بشأن تعيين أنشيلوتي، أو أي مدرب أجنبي آخر بعيد عن «ثقافة السامبا». ومع ذلك، أثبت أنشيلوتي في ريال مدريد قدرته على احتواء وتوظيف اللاعبين البرازيليين بأفضل طريقة ممكنة، أمثال المدافع إيدير ميليتاو وثنائي الهجوم رودريغو وفينيسيوس جونيور، ما يعد مؤشراً إيجابياً.
الفاعلية الهجومية لبرازيليي «الميرينغي» هو ما يشجع الاتحاد البرازيلي ربما على استقدام كارلو. بالنظر في إحصائيات التصفيات الحالية، سجّل منتخب البرازيل 8 أهداف فقط في 6 مباريات، رغم كون الخيارات الهجومية المتاحة للسيليساو موضع حسد ظاهري بالنسبة إلى العديد من المنتخبات العالمية.
قد يصبح أنشيلوتي أول مدرب أجنبي لمنتخب البرازيل منذ أكثر من 50 عاماً


لكن كرة القدم لا تعترف بالأسماء فقط، فوجود لاعبين جيدين في المقدمة لا يضمن تسجيل الكثير من الأهداف، بل يجب أن تكون هذه المجموعة متناسقة، ذات أسلوب فعّال، وهنا يأتي ربما دور أنشيلوتي.
هناك مشكلات أخرى تعصف بالبرازيل، مثل سوء الخط الخلفي المتلقّي بالتصفيات الحالية 7 أهداف، كما هشاشة الوسط في المونديالين السابقين على أقل تقدير، وهي مشكلات في متناول أنشيلوتي (إذا تم تعيينه) إثر تميّزه بأسلوبٍ دفاعي متوازن، دون إغفال متانة جميع الفرق التي درّبها في خط الوسط تحديداً.
بعيداً من تصفيات كأس العالم المخيّبة، تنتظر البرازيل بطولة كوبا أميركا في الولايات المتحدة العام المقبل. سواء بالمدرب أنشيلوتي أو غيره، على المنتخب البرازيلي الاستفاقة وحل مشكلاته الفنية والإدارية بأسرع وقت ممكن، عساه يعود إلى قائمة النخبة في حال تتويجه بالبطولة، ويعوّض الهزيمة المؤلمة أمام الأرجنتين، على ملعب ماراكانا أيضاً، في النهائي السابق عام 2021.



إصابات بالجملة
لا يزال الشك يحوم حول موعد عودة اللاعب البرازيلي فينيسيوس جونيور إلى الملاعب، بعد إصابةٍ تعرض لها أثناء مواجهة كولومبيا ضمن تصفيات كأس العالم 2026. وانضم فينيسيوس الغائب عن خسارة البرازيل الأخيرة أمام الأرجنتين، إلى زميله في المنتخب نيمار الذي يتعافى من تمزق في الرباط الصليبي الأمامي، كما لاعب الوسط كازيميرو... وفي ظل كثرة إصابات لاعبي المنتخب الأساسيين، سوف يعاني «السيليساو» أكثر ضمن الاستحقاقات المقبلة.