عاد اللاعبون إلى فرقهم منتصف الأسبوع الماضي بعد خوضهم التصفيات القارية وتلك المؤهلة إلى كأس العالم مع منتخبات بلادهم. وخلال ثلاثة أيام، شاركوا في الدوريات المحلية، ليلعب قسم منهم بعدها في المسابقات الأوروبية. ثلاث مسابقات مختلفة في أقل من أسبوع أثقلت كاهل اللاعبين، الذين يتعرضون لمعدّلات إرهاق وإصابات غير مسبوقة في عالم كرة القدم.
اعترض مدافع برشلونة، الفرنسي جول كوندي، على التكدّس الخانق للمباريات (أ ف ب)

هناك زيادة واضحة في زحمة المباريات منذ بداية العقد الحالي، تفاقمت وتيرتها مع توسيع المسابقات القارية وتأجيل المباريات المعلّقة جرّاء جائحة كورونا، كما إطلاق مسابقات جديدة مثل دوري المؤتمر الأوروبي من دون إغفال التبعات الناجمة عن تغيير موعد كأس العالم من الصيف إلى الشتاء...
التكدّس الخانق لاقى اعتراض عدد من المعنيين في القطاع الكروي، آخرهم مدافع برشلونة، الفرنسي جول كوندي، الذي صرّح لقناة «كانال بلوس» خلال الأسبوع الماضي قائلاً: «هناك كثير من المباريات ووتيرة اللعب أصبحت أكثر شدة، ما يؤدي إلى حدوث كثير من الإصابات». ثم تابع: «ما يزعجني هو أننا عندما نبدي هذه الملاحظة، يقول الناس إننا كنا نلعب كثيراً... حتى لو كان ذلك صحيحاً، فهذا لا يعني أنه كان جيداً من قبل!». تصريحات لاقت تأييد عدد من المعنيين، منهم مهاجم ميلان، البرتغالي رافاييل لياو، عبر موقع «إكس»، كما أنها مثّلت ضمنياً جميع اللاعبين والأندية على حدّ سواء.
وبلُغة الأرقام، بيّنت مجموعة «Howden» عبر مؤشر إصابات اللاعبين في كرة القدم الأوروبية أن بطولة كأس العالم الأخيرة التي أقيمت في قطر، دفعت لاعبي الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا إلى قضاء ثمانية أيام أطول في المتوسط ​​خارج الملاعب بسبب الإصابة خلال الأشهر التي تلت البطولة.
وأكدت الدراسة أنه في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022، أدّت 88 إصابة مسجلة إلى غياب اللاعبين عن الملاعب لمدة 11.35 يوماً في المتوسط ​​قبل كأس العالم، ولكن ذلك ارتفع إلى 19.41 يوماً في يناير/كانون الثاني من عام 2023 بعد البطولة.
وأظهرت الأرقام حدوث 3985 إصابة في الدوريات «التقليدية» الخمس الكبرى على مدار موسم 2022-2023، كان نصيب الأسد منها للدوريّين الإنكليزي الممتاز (23.6%) والألماني (14.8%)، فيما أسهمت زيادة خطورة الإصابات بارتفاع الخسائر المالية للأندية بالمجمل بنحو 30%، من 553.62 مليون يورو إلى 704.89 مليون يورو.
ما يقرب من نصف اللاعبين المتنافسين في كأس العالم عانوا من إرهاق غير مسبوق بفعل ازدحام المباريات


وفي وقتٍ سابق من هذا العام، أكدت الرابطة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (FIFPRO) إن ما يقرب من نصف اللاعبين المتنافسين في كأس العالم عانوا من إرهاق ذهني شديد أو متزايد خلال موسم غير مسبوق من ازدحام المباريات. طبعاً، كأس العالم «الشتوية» هي جزء من مشكلة أكبر وأشمل، تطال جميع القيّمين على اللعبة بمختلف هياكلها. فالزحمة ليست نتاج تغيير موعد بطولة واحدة وحشرها في منتصف الموسم، بقدر ما أنها تتعلق بكثرة المباريات من دون تأمين مدة كافية للراحة.
كانت توصية مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بإقرار إجراء الأندية خمسة تبديلات في المباراة الواحدة بدلاً من ثلاثة خطوةً جيدة، ولكن ذلك ليس كافياً. الهوس بزيادة العائدات ضاعف الضغط على اللاعبين، وهو ما يستدعي تدخلات طارئة وحازمة للحؤول دون تهديد صحتهم.