الحكّام هم قضاة اللعبة، يأخذون على عاتقهم مسؤولية سير المباريات بسلاسة، متحمّلين ضغط الجمهور. يُخطؤون مثل الجميع، وهو ما استوجب تدخّل التكنولوجيا للحد من الغفلات، إن كان عبر تقنية «عين الصقر» المختصّة بإظهار تجاوز الكرة بأكملها خط المرمى من عدمه، أو عبر تقنيات أخرى مثل حكم الفيديو المساعد (VAR).من الطبيعي أن يسعى القيّمون على اللعبة إلى الحّد من القرارات «الظالمة». ما هو غير طبيعي، استمرار الأخطاء، و بوتيرة أكبر ربما، رغم إدخال التكنولوجيا.
شهد الأسبوع الماضي وحده العديد من القرارات الغريبة، والتي أثّرت بشكل مباشر على النتيجة النهائية. في دوري أبطال أوروبا مثلاً، تمّ احتساب ركلة جزاء مشكوك في أمرها لمصلحة باريس سان جيرمان أمام نيوكاسل قبل انتهاء المباراة بلحظات، وهو ما أعطى النادي الباريسي نقطةً ثمينة مقابل تقليص حظوظ تأهّل نيوكاسل ضمن المجموعة السادسة.
وفي ختام الجولة الرابعة عشرة من الدوري الإنكليزي الممتاز، قام لاعبو مانشستر سيتي بهجمة مرتدّة سريعة بعد هدف التعادل الذي سجّله توتنهام (3-3) في الدقيقة 90، تعرَّض خلالها اللاعب إرلينغ هالاند لإعاقة قبل تمريره كرة جعلت زميله منفرداً مع الحارس. ورغم كون الفرصة محققة للتسجيل، لم يعطِ الحكم سيمون هوبر مبدأ الأفضلية لمصلحة مانشستر سيتي، ما أثار غضب اللاعبين والجهاز الفني نهاية اللقاء، كما النقاد وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي...
هذه الحالات وغيرها عكست وجود مشكلة تنسيق جوهرية بين الحكام الرئيسيّين وحكام تقنية الـ«VAR»، كما عظّمت تشكيك الوسط الرياضي بمدى صحة قرارات الحكام أنفسهم.
ورغم مرور قرابة 5 سنوات على اعتماد الـ «VAR»، لا يزال جزء كبير من المشجعين يرفضون هذه التقنية، أو بالأحرى، يشكّكون في مدى جدواها نظراً إلى عدم وضوح «البروتوكولات» المعتمدة عند تحليل الفيديو المعاد، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى ازدواجية المعايير عند إعطاء ركلات الجزاء، إقرار وجود تسلل، وإشهار البطاقة الحمراء...
تحاول الاتّحادات الدولية والقارية تحسين جودة التكنولوجيا والحكّام من دون وجود نتائج ملموسة


وفي محاولةٍ يائسة لتحجيم أخطاء الحكام، قام الدوري الإنكليزي الممتاز بعرض تسجيلات الصوت الأصلية ليوم المباراة من محادثات الحكام مع غرفة الـ«VAR»... لكن ذلك لم يبرر القرارات الخطأ المتَّخذة، بل وأنه في كثير من الأحيان أشعل غضب الجماهير أكثر. من جهتها، تحاول الاتّحادات القارية والدولية باستمرار تحسين جودة التكنولوجيا والحكام على حد سواء أثناء اجتماعاتها، من دون وجود نتائج ملموسة.
ضمانة تقليل الأخطاء وزيادة العدل مثّلتا «الترقيعة» التسويقية الرئيسية للجهات الحاكمة عند إدخال التكنولوجيا على كرة القدم. أما الواقع بنظر جزء كبير من الجماهير، فهو يتمثّل بلعبة أقل جمالية مع أخطاء «موثّقة».