يرتبط الشغف الرياضي في صربيا بثقافة وتاريخ البلاد. الدولة التي كانت جزءاً من يوغوسلافيا الاشتراكية في السابق، عايشت القيم السائدة حينها باعتبار «الألعاب» طريقة مُثلى لتعزيز النسيج الاجتماعي ونشر المساواة. عليه، تم تدريب جميع اللاعبين باستخدام الأساليب نفسها، بغضّ النظر عن اختلاف البنية الجسدية، وهو ما عاد على البلاد بإنجازات لافتة إقليمياً وقارياً. تفكّكت يوغوسلافيا بعدها، لكنّ قيمها وأهدافها الرياضية انسحبت إلى غالبية الدول التي تشكّلت، منها صربيا، التي أصبحت مع توالي العقود قوة عُظمى في عالم الرياضة. لعبت الثقافة الرياضية والروح التنافسية دوراً بارزاً في التألق الصربي على ساحات الألعاب، دون إغفال استثمار القيّمين في البنية التحتية الرياضية وبرامج التدريب. وبفعل الاهتمام الجاد، كتبت صربيا تاريخاً طويلاً من النجاح في مختلف الرياضات، بما في ذلك كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد والتنس...
قدّمت صربيا العديد من اللاعبين الذين تركوا بصمة لافتة في عالم الرياضة (أ ف ب)

تُعد كرة القدم أحد أكثر النشاطات الرياضية شعبيةً في صربيا. تمتلك البلاد منتخباً وطنياً «شرساً» والعديد من الأندية الناجحة، بما في ذلك ريد ستار بلغراد الذي فاز بكأس أوروبا وكأس «إنتركونتيننتال» عام 1991، كما فريق إف كيه بارتيزان بلغراد. وعلى امتداد السنوات، قدّمت صربيا كوكبة من اللاعبين الذين تركوا بصمة لافتة ضمن عالم المستديرة، برزَ منهم في التاريخ الحديث المدافعان نيمانيا فيديتش وبرانيسلاف إيفانوفيتش... فيما يُعد الحارس الواعد دجورجي بيتروفيتش أحدث «منتجات» الكرة الصربية، بعد مشاركته بشكل أساسي قبل يومين لأول مرة مع فريق تشيلسي الإنكليزي.
وعلى خطٍّ موازٍ، تحظى كرة السلة بشعبية جارفة في صربيا، مع اعتلاء رياضيّيها وفرقها منصات الألقاب بشكل شبه دوري. فاز المنتخب الوطني لكرة السلة للرجال ببطولة العالم مرتين، في عامَي 1998 و2002، كما رفع لقب بطولة أوروبا في أعوام 1995 و1997 و2001.
وفي عام 2004، فاز المنتخب بجائزة الكرة الألماسية للاتحاد الدولي لكرة السلة، كما حصد الميدالية الفضية في الأولمبياد مرتين (1996 و2016)، دون إغفال فوز المنتخب النسائي بالبطولة الأوروبية عامي 2015 و 2021.
إنجازات لافتة ترافقت مع احتراف اللاعبين الصرب في كبرى الدوريات العالمية، على رأسها الدوري الأميركي للمحترفين، ويُعد نيكولا يوكيتش، وفلادي ديفاك، وبريدراج ستوياكوفيتش من أبرز لاعبي كرة السلة الذين لعبوا في «NBA».
التحق رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش عام 2020 بكلية رياضية لتحقيق حلم حياته في أن يصبح مدرب كرة سلة


تُعتبر الكرة الطائرة وكرة اليد من الرياضات الشعبية في صربيا أيضاً، حيث حقّقت البلاد نجاحاً في كلتا اللعبتين على المستوى الدولي، رجالاً وسيدات، كما تحظى رياضات أخرى، بما في ذلك «الرغبي»، بشهرةٍ كبيرة في البلاد تترافق مع نجاحات لامعة.
ورغم ميل الصّرب إلى الرياضات الجماعية، نالت لعبة «التنس» شعبية مضاعفة في البلاد خلال العقد الماضي بفعل إنجازات المصنّف الأول الحالي على العالم نوفاك ديوكوفيتش تحديداً، الذي يُعد أحد أبرز لاعبي الكرة الصفراء على الإطلاق، إلى جانب لاعبين مميزين آخرين أمثال نيناد زيمونيتش، يانكو تيبسارفيتش، آنا إيفانوفيتش، مونيكا سيليش ويلينا يانكوفيتش...
لا يوجد بلد «صغير» مثل صربيا (يضم 7 ملايين نسمة تقريباً) يحقق هذا القدر من النجاحات الرياضية. الشغف الرياضي عكسه الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، عام 2020، عندما التحق خلال جائحة كورونا بكلية رياضية لتحقيق حلم حياته في أن يصبح مدرب كرة سلة.
التاريخ السياسي المحموم لم يستنزف الطاقة الرياضية للدولة البلقانية على الإطلاق، وفي ظل المسار التصاعدي، قد تهيمن صربيا على مختلف الألعاب مستقبلاً.