على امتداد السنوات، قدّمت أفريقيا عدداً من أفضل مواهب كرة القدم. كوكبة نجوم نالت منها ساحل العاج حصة الأسد، حيث انتشرت «فيلة كوت ديفوار» في أكبر الدوريات العالمية، على رأسها أوروبا، تاركةً بصمة من الصعب تكرارها. يدعم ذلك مساهمة أمثال المهاجم السابق ديدييه دروجبا، كما لاعب خط الوسط السابق يايا توري، في حصد الألقاب رفقة فرقٍ مختلفة، على رأسها تشيلسي ومانشستر سيتي الإنكليزيان توالياً.بصمة جديدة تركتها الكرة الأفريقية أخيراً، لكنها قد لا تعرف نجاح سلفها نفسه.
ففي وقتٍ يهاجر فيه اللاعبون الأفارقة خارج القارة السمراء بحثاً عن المال والنجومية، وفي وقتٍ تتجه فيه غالبية دول العالم إلى ملفات مشتركة عند استضافتها الأحداث الكروية الضخمة لتقليص النفقات، صرفت «كوت دي فوار» وحدها قرابة مليار يورو لاستضافة البطولة الحاصلة أخيراً على أراضيها.
(أ ف ب )

تمّ بناء أربعة ملاعب جديدة وتجديد ملعبين آخريْن، بالإضافة إلى تحسين وبناء بنية تحتية ملائمة للحدث، وما تشمله من وسائل نقل وطبابة وضيافة في المدن الخمس التي تستضيف المباريات: أبيدجان، سان بيدرو، كورهوغو، بواكي وياموسوكرو.
وبحسب رئيس الاتحاد الإيفواري لكرة القدم، إدريس ديالو، تمّ صرف المبالغ الضخمة «أملاً بانتعاش اقتصادي في ساحل العاج على المدى البعيد». ويطمح ديالو بأن تترك البطولة إرثاً دائماً وأن تمثّل «بداية جديدة للبلاد التي عانت من الحروب الأهلية في العقدين الماضيين». وبالحد الأدنى، يأمل ربما أن تشكّل الكأس الأفريقية فرصة تسويقية ضخمة للبلاد حتى لو لم تفز «كوت ديفوار» باللقب، سيراً على نهج قطر حين استضافت كأس العالم الأخيرة وكأس آسيا حالياً.
تمّ صرف المبالغ الضخمة أملاً بانتعاش اقتصادي في ساحل العاج على المدى البعيد


بين الحلم والواقع
رغم الآمال الضخمة التي عُلّقت على الاستثمارات النوعية، تبدّد جزء من الأهداف المرجوّة في الأسبوع الأول من قصّ الشريط نتيجة قلة الحضور الجماهيري مقارنةً بالتقديرات.
توقّع المنظّمون حضور ما يصل إلى مليوني شخص خلال البطولة من الدول المجاورة التي تأهّلت، بالإضافة إلى دول أبعد قليلاً مثل نيجيريا والسنغال. ومع ذلك، شهدت المباريات الأولى مقاعد فارغة في الملاعب.
في المباراة الافتتاحية بين الدولة المضيفة، ساحل العاج، وغينيا بيساو مثلاً، أقيم اللقاء بحضور 37 ألف متفرج تقريباً على ملعب الحسن واتارا في مدينة إنياما، علماً أن الملعب يتّسع لحوالي 60 ألف متفرج.

(أ ف ب )

في هذا الصدد، قالت اللجنة المنظّمة لكأس الأمم الأفريقية: «في نهاية اليوم الأول من المنافسة، أعرب العديد من المشجّعين عن قلقهم بشأن عدم امتلاء الملعب بالكامل»، قبل أن يؤكد منظّمو البطولة أنهم سوف يتخذون عدة إجراءات لضمان امتلاء الملاعب بشكل أكبر.
من جهته، سلّط برايت سايمون، رئيس الأبحاث في «IMANI» (مؤسسة بحثية أفريقية مقرها أكرا)، الضوء على تجارب مضيفي البطولة السابقين، لافتاً إلى أن النمو لم يتحقق إلا بالكاد. واستشهد سايمون بعدة أمثلة منها تدهور الملاعب الجديدة في غانا التي بنيت لكأس الأمم الأفريقية 2008 بسرعة كبيرة، «دون أن تجد غانا حتى الآن وسيلة تمكّنها من دفع تكاليفها بنفسها».
الأمل الأقرب إلى واقع الإيفواريين يبقى، رغم صعوبته، متعلّقاً برفع اللقب الثالث بعد نجاح 1992 و2015. بالنسبة إلى النفقات التي دُفعت، قد تعود على البلاد بفوائد ملموسة كما حصل نسبياً مع قطر، لكنها لن تضمن بالضرورة نمواً يليق بحجم الاستثمارات.