الدوحة | المباراة الأهم لمنتخب لبنان تتطلّب بلا شك حسابات مختلفة عن تلك التي دخل بها الى أوّل مباراتين في نهائيات كأس آسيا، حيث قدّم أداءً مقبولاً أعطى ثقةً للجمهور الذي تابعه، وتحسّر على عدم خروجه بنتيجةٍ أفضل في المباراة الأولى، وبفوزٍ في المباراة الثانية.الواقع أن منتخبنا يملك أملاً للتأهل الى دور الـ 16 للمرة الأولى في تاريخه، إذ بعيداً من نتيجة لقائه مع قطر، يترك التحليل الفني الدقيق مؤشراتٍ جيّدة، أقلّه بالنسبة الى عدد الفرص التي خلقها في هذه المواجهة، حيث لم يكن بعيداً في الأرقام عن «العنابي» في هذا الإطار، لكن الفارق الحاسم كانت الفعالية التي تمتع بها أصحاب الأرض.
وبين سوء الحظ وعدم ترجمة الفرص السانحة للتسجيل في المباراة الثانية، أظهر المنتخب صلابةً، وهي لا تنطلق من خطة دفاعية بحتة كما يعتقد البعض بما أن المدير الفني المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش يعتمد على ثلاثة لاعبين في قلب الدفاع بعدما أعاد إحياء الاستراتيجية التي التقت مع واقع الإمكانات الفنية للمنتخب سابقاً ليحقق معه نتائج لافتة.
لا بديل للبنان من الفوز على طاجيكستان اليوم للتأهل الى دور الـ ١٦ للمرّة الأولى


نظام لعب متوازن
الواضح أن سرّ ظهور المنتخب متماسكاً و«مزعجاً» للخصوم بحسب ما تمّ وصفه، هو نظام اللعب المعتمد الذي خلق توازناً دفاعياً افتقر إليه المنتخب في الفترة السابقة، وأعطى أدواراً دفاعية لكل اللاعبين الموجودين على أرض الملعب، انطلاقاً من الضغط الذي يقوم به أول المهاجمين، وأيضاً من خلال تشكيل لاعبي الوسط درع حماية لخطّ الظهر من خلال الزيادة العددية على طرفَي الملعب، وطبعاً قطع خطوط التمرير والترابط الخاصة بالخصم.
من هنا، بدا المنتخب متحركاً ككتلةٍ واحدة وكان لكل لاعب آخر مساند، فكان من الصعب مثلاً على الصينيين اختراقه من العمق، فتركّزت محاولاتهم من الجناحين حصراً، في وقتٍ لعبت فيه ثلاثة أخطاء فردية نادرة وغير متوقّعة دورها أمام قطر، لتحسم النتيجة لمصلحة منتخبٍ فعال ولا يرحم عند أيّ خطأ بل يستغلّه بشكلٍ مثالي.
الواضح أيضاً أن الجهاز الفني عمل على تذليل هذه المشكلة من خلال دفع اللاعبين نحو التحلي بتركيزٍ أكبر في اللقاء الثاني، وهو ما يُنتظر أن يكون حاضراً في المباراة الثالثة والأخيرة ضمن المجموعة الأولى أمام منتخب طاجيكستان الذي يملك لاعبين أصحاب خبرة متراكمة من مشاركاتهم في بطولاتٍ أوروبية مختلفة، وأيضاً من خلال حضور عددٍ لافت من اللاعبين الأساسيين مع فريق استقلال بطل الدوري الطاجيكي الذي ينافس هذا الموسم في مسابقة دوري أبطال آسيا، حيث «عذّب» النصر السعودي في مواجهتيهما بتقدّمه عليه في الذهاب الذي حسمه في وقتٍ متأخر النجمان: البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي تاليسكا، بينما ساد التعادل الإيجابي بينهما في لقاء الإياب.

(طلال سلمان)

مواجهة غير سهلة
ولا يخفى أن المواجهة الأولى في التاريخ بين الفريقين لها حساسية كبيرة لناحية حسابات المدربَين، وخصوصاً بالنسبة الى رادولوفيتش الذي سبق أن تفوّق على «صديقه» الكرواتي بيتر سيغرت عام 2016 عندما قَدِم الى طرابلس لخوض مباراةٍ ودية مدرّباً لأفغانستان وخسرها بهدفين نظيفين.
لكن الأكيد أن سيغرت قادم هذه المرّة مع فريقٍ أفضل بكثير. فريقٌ شاب فيه لاعب واحد وصل الى الـ 30 من العمر، ومجموعة من الشبان النشيطين الذين يستوجب مواجهتهم بعناصر لبنانية قادرة على تقديم مجهودٍ بدني كبير. وهذه المسألة كانت حاضرة بقوة في آخر مباراتين مع تحسّن لياقة منتخب لبنان تدريجياً، حيث قدّم لاعبون مثل حسن سرور وعلي طنيش "سيسي» دوراً مزدوجاً مميّزاً بحيث يمكنهم استخلاص الكرات وأيضاً خلق الإضافة الهجومية والربط بين الوسط والهجوم الذي بدا فيه عمر شعبان عنصراً مقاتلاً كونه يصعّب الأمور على أي مدافع يواجهه من خلال قوته البدنية ومشاكساته وقدرته على الفوز بالثنائيات الهوائية، فضلاً عن تحركاته التي تخلق خيارات التمرير لزملائه.
بالفعل، تحسّن منتخبنا كثيراً والتأهل الى دور الـ 16 يبدو في متناوله إذا ما كان التوفيق حليفه هذه المرّة، إذ بالإمكان القول إنه بعد المباراة الأخيرة، قدّم «رجال الأرز» كل ما يلزم، لكن الشباك بقيت عصيّةً عليهم، وربما يشاء القدر أن تكون فاتحة الأهداف في آخر وأهم مباراة بالنسبة إليهم بحسب ما قال رادولوفيتش الواثق من عبور منتخبه هذا الاختبار كمكافأة له على الجهد الذي بذله أسبوعاً بعد آخر منذ أن بدأ معه الاستعداد لخوض كأس آسيا.